يقول أ.علاء علي: لا بد أننا جميعا قد طلب منا في وقت من الأوقات تقديم مساعدة ما لأحد الأشخاص، وبصرف النظر عن نوعية تلك المساعدة، نجد أن المعظم لا يتأخر عن تقديمها، طالما كانت تلك المساعدة في حدود إمكاناته، بل إن الكثيرين في بعض الأحيان قد يبذلون ما يفوق طاقاتهم من أجل تحقيق ما طلب منهم.
وسواء كان هذا التصرف صحيحا أم خاطئا، فإننا قد نجد، مع الأسف، بأن من يطلب المساعدة قد يميل لاستغلالنا بشكل أو بآخر، الأمر الذي سيؤثر علينا سلبا على المدى البعيد.
ويجب على الفرد أن يدرك بأنه يعيش في عالم يعتمد على الأخذ والعطاء، فالحياة لا تسير باتجاه واحد أبدا، علما أن هناك حكمة تقول إن «الإنسان ليس جزيرة»، بمعنى أنه لا يوجد إنسان يمكنه العيش منفصلا عما يدور حوله، إنما نحن جميعا مرتبطون ببعضنا، وهذا ما يؤدي لاستمرار العلاقة التبادلية بين الناس.
وعندما تود أن تكون مستعدا لتقديم المساعدة لأهلك وأصدقائك، أو حتى للغرباء الذين يحتاجون لك، فإنك ستتوقع معاملة بالمثل من قبلهم. وفي حال رفضت تقديم المساعدة، فإنك ستوصف باللؤم، لكن في المقابل، لو قمت بتقديم المساعدة في كل مرة تطلب منك، فإنك قد تتعرض للاستغلال. لذا فمن المستحسن أن تضع خطا فاصلا لتجنب مثل هذا الأمر، وفيما يلي عدد من النصائح للقيام بذلك:
- تعلم كيف تقول كلمة «لا»: في حال كنت تخطط لحضور إحدى المحاضرات المهمة، والتي تتعلق بمجال عملك، وطلب منك أحد الأصدقاء أن توصله بسيارتك لمكان بعيد سيضطرك إلى التضحية بمخططاتك، عليك عندئذ أن تستخدم المفعول السحري لكلمة «لا»، قد تكون هذه الكلمة قاسية في نظر البعض، إلا أنهم يجب أن يعلموا بأنه عليهم في بعض الأحيان الاعتماد على أنفسهم لحل مشاكلهم. إن تقديم المساعدة شيء مستحب لأبعد الحدود، لكن تذكر أن لا تكون هذه المساعدة على حساب وقتك الثمين.
- رتب جدول أعمالك وأخبر الجميع به: قم بإخبار جميع من حولك بأنك مستعد لتقديم المساعدة عند الضرورة، لكن يجب أن تكون هذه المساعدة في أوقات خارج جدول أعمالك اليومي. ولنجاح هذا الأمر، يجب عليك أن تلتزم بالجدول أسبوعيا، حيث إنك لو التزمت به هذا الأسبوع، ولم تقم بالشيء نفسه في الأسبوع التالي، فإن الجميع لن يأخذوا مشاغلك على محمل الجد، لذا يجب أن يعلموا بأنك ملتزم بجدولك، وفي الوقت نفسه مستعد لمساعدتهم عند وجود ضرورة قصوى تستلزم هذا الأمر.
- التزم بقراراتك: قد تجد بين أقاربك أو معارفك بعض الأشخاص الذين لا يتواصلون معك إلا من أجل مصلحة ما. فعلى سبيل المثال، قد يطلب منك أحد الأقرباء أو الأصدقاء أن تساعده على حل بعض المعادلات الرياضية المعقدة، نظرا لمعرفته قدرتك على حل مثل هذه المعادلات، وبعد أن تساعده بالفعل، قد تجده يغيب لفترة من دون حتى أن يسأل عنك، إلى أن تعترضه معادلات أخرى تحتاج لحل، وعندها يعاود الاتصال بك. في هذه الحالة، عليك أن تتذكر كلمة «لا» التي ذكرناها منذ قليل، وفي حال استخدمتها بالفعل، عليك أن تلتزم بها طالما استمر هذا الشخص على تجاهلك إلا في وقت حاجته، وذلك ليعلم أنك غير راض عن تصرفه.
- انتبه لطبيعة شخصيتك: تلعب شخصيتك دورا مهما بمدى قابلية تعرضك للاستغلال من قبل البعض. فلو كنت ذا شخصية هادئة ومتسامحة، فإن من يتعامل معك لن يشعر بأنه يستغلك كونك تتعامل بلطف مع الجميع. وفي هذه الحالة، عليك أن تطلب من أحد الأشخاص الذين تثق بهم أن يقوم بإيصال وجهة نظرك بأن لديك الكثير من الأعمال الخاصة بك، والتي عليك إنجازها. قد تجد أن البعض يستهزئون بك، لكونك قمت بإحضار من يتحدث باسمك، لكن لا تهتم لهذا، فإنهم سيعتادون الأمر في النهاية.
- لا تقدم مبررات للرفض: حاول أن تقاوم الرغبة بتقديم المبررات التي تبين سبب رفضك لتقديم المساعدة، فرغم أن المبررات قد تنقذك من الحرج في بعض المواقف، لكنها غير ضرورية في كل مرة.علينا أن ندرك حقيقة أن الجميع يحتاجون بعضهم بعضا، بشكل قد يقود لنوع من الاستغلال سواء كان استغلالا متعمدا أو غير متعمد.
ويبقى الأمر لك كي توقف عملية استغلالك عندما تشعر بأنها قد زادت على الحد، علما بأن إيقاف هذا الأمر يجب أن يتم بطريقة هادئة وبعيدة عن التوتر، وذلك لأننا جميعا نحتاج إلى بعضنا بعضا في وقت من الأوقات.