لعل مدينة الرياض من المدن القلائل في العالم والتاريخ التي اكتسبت اسمها من الطبيعة التي منَّ الله بها عليها، حسبما يتحدث التاريخ. وقد حرص صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- على أن يحافظ على ذلك ويترجمه إلى واقع .
فقد كان حريصا خلال فترة تشرُّف منطقة الرياض بإمارته على أن يعيد للرياض السمة التي يحملها اسمها، فالصورة الذهنية عند سموه للرياض المدينة هي تلك الصورة التي يُستلهم فيها الماضي مستفيداً من الحاضر الزاهر ليرسم لها مستقبلا واعدا.
ما دعاني للكتابة هو التوقيت المناسب والمتزامن مع اليوم الوطني لافتتاح أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز وبحضور نائبه صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز لأحد مشاريع أمانة منطقة الرياض وهو منتزه الملك عبد الله بالملز والمقام على موقع نادي الفروسية السابق، وهو الموقع الذي تفضل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، بالأمر بأن يبقى متنفساً عاماً لمدينة الرياض. هذا المشروع الذي رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز مراسم توقيع عقد إنشائه وذلك بمكتب سموه بقصر الحكم بحضور صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، يوم السابع من شهر ربيع الأول من عام 1431هـ. ولقد أُضيفَ هذا المتنزَّه إلى قسمات الرياض النديَّة وأنسامها العذبة، بمساحته الواسعة التي تزيد عن الثلاثمائة ألف متر مربع، ومسطَّحاته الخضراء وأشجاره ونباتاته، وبحيرته ونافورته التي تُعَد الأحدث من نوعها في المملكة، بالإضافة إلى ساحة الاحتفالات والعروض ومبنى المناسبات ومنصة العرض الكبيرة.
«وراء كل إنجازٍ قصة».. هذه حقيقةٌ واقعة. وقصص التنمية لمدينة الرياض بأمير تنميتها سلمان هي قصص شيقة تؤرخ لعمل دؤوب ولإخلاص نادر ومحبة صادقة للرياض وأهلها. هذه المدينة التي استمر عدد سكانها يتضاعف كل عشر سنوات خلال الخمسين عاماً الماضية، مما يقارب المائة وستين ألف نسمه في عام1380هـ (1960م) إلى قرابة الستة ملايين في الوقت الراهن. مع مثل هذا التطور السريع لا بد أن تكون القصص مختلفة والتحديات متنوعة ويبقى سمو الأمير سلمان أمير التنمية والتطوير رمزا شامخا في تاريخ وتطور المنطقة, سانده في ذلك سمو نائبه وعضده الأيمن سمو الأمير سطام بن عبدالعزيز رحمه الله.
كثيرة هي الأوقات التي يقضيها الإنسان في خدمة مدينته ومجتمعه مع رؤساء وزملاء في العمل، إلا أني ما زلت وسأظل أجد أن أسعد الفترات التي قضيتها في عملي السابق أميناً لمنطقة الرياض هي تلك الأوقات التي كنت أقضيها مع سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز لمناقشة موضوع أو بحث قضية أو دراسة مشروع لمنطقة الرياض مستمعا لتوجيهاته ورؤيته في مسار تنمية وتطوير الرياض. كانت لكل مشروع في المنطقة أو إنجاز قصة ذات طابع خاص وتفاصيل مختلفة كان الأمير سلمان وراء كل منها. ولعل الفرصة تسنح يوما مع الزملاء والمعنيين بتنمية المدينة في الكتابة عن تلك القصص التي يعدُّ كلٌّ منها تجربة تنموية بما وراءها من سلاسل من الجهود والتحديات، والتي يمكن أن تكون نبراساً لكلِّ من في مواقع المسؤولية والقرار.
متنزَّه الملك عبد الله بالملز، ليس استثناء. وبالرغم من بذل سموه الجهد الكبير لإخراجه إلى حيز الوجود إلا أنه واحد من عشرات المشاريع البيئية في مدينة الرياض التي سعى سموه لوضعها على خارطة الرياض البيئية ولكل منها قصة تحكى كما أسلفت. وأذكر أنه في أحد الأيام كان النقاش في مكتب سموه الكريم عن التشجير والحدائق والمتنزهات وحاجة المدينة لها. وعندها رسم سموه خطة طريق محورها توجيهه بأن الحدائق التي أقيمت، على أهميتها، لا تكفي ولا بد من حدائق وواحات «مليونية» المساحات تساهم في اتساع رئة المدينة وتكون متنَفَّساً لأهاليها. فكانت مشروعات الحدائق والمتنزَّهات الكبرى التي تحققت في مدينة الرياض شواهد ناطقة، بالإضافة إلى العديد من المشروعات المستقبلية. ولعلي هنا أذكر بعضاً من أبرز تلك المشروعات، منها ما تم تنفيذه ومنها ما هو تحت التنفيذ ومنها ما تم حجز مواقعها وبدء العمل في تسويرها:
1 - متنزه سلام بمساحة تزيد عن الثلاثمائة ألف متر مربع.
2 - متنزه الملك عبد الله بالملز بمساحة تفوق الثلاثمائة ألف متر مربع.
3 - حدائق الملك عبد الله العالمية في غرب الرياض بمساحة تزيد عن مليوني متر مربع.
4 - متنزَّه الأمير سلمان البري في بنبان بمساحة تزيد عن ثلاثة ملايين متر مربع.
5 - المتنزه العام في أراضي الشمال بالرياض والمكون من حديقتين إحداهما بمساحة مليون ونصف متر مربع، والأخرى بمساحة نصف مليون متر مربع.
6 - متنزه النظيم والذي يعرف بـ «مكب النظيم» سابقا حيث تم تخصيص موقع بثلاثة ملايين متر مربع منتزهاً عاماً لشرق الرياض.
7 - حديقة مطار الرياض القديم بمساحة تقارب الأربعة ملايين ونصف متر مربع داخل أرض المطار القديم.
8 - موقع سوق الإبل القديم في شرق الرياض بمساحة تزيد عن المليون وثمانمائة ألف متر مربع بعد أن تم تخصيص موقع جديد ليتم نقل سوق الإبل إليه بمساحة أكبر وتخطيط أفضل.
9 - متنزه الحائر العام بمساحة تفوق الأربعة ملايين متر مربع.
10 - متنزه رماح العام بمساحة تفوق الخمسين مليون متر مربع وهو الموقع القريب من رماح والذي أمر خادم الحرمين الملك عبد الله بالمحافظة عليه متنفساً عاماً لأهالي منطقة الرياض.
11 - متنزه الثمامة الوطني بمساحة تفوق الثلاثمائة وأربعين مليون متر مربع.
وأخيرا وبعد مشروع التأهيل الناجح لوادي حنيفة كشريان بيئي يخترق مدينة الرياض في جهتها الغربية من شمالها لجنوبها, يأتي المشروع التوأم له في شرق الرياض وهو مشروع تأهيل وادي السلي، وهو الوادي الذي يعتبر المصرف الرئيس لمياه السيول والأمطار لشرق العاصمة، ويمتد من الشمال إلى الشرق قاطعاً مطار الملك خالد الدولي ثم يتجه جنوباً عابراً للرياض نحو مدينة الخرج وسيتم فتح مساره وإدارة مصادر المياه فيه وتطوير البنية العمرانية وتخطيطه حضرياً لخلق بيئة طبيعية ترويحية على امتداد مساره وذلك بطول يزيد عن مائة كيلو متر وعرض حوالي المائة وخمسين متراً. وهو تحدٍّ لم يكن ليرى النور لولا دعم سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز وقناعته بدور هذا الوادي التوأم لوادي حنيفة. وسيكون هذا المشروع على هذا العنصر البيئي المُشكِّل لمدينة الرياض والممتد من ماضيها والذي أوشك أن يطويه العمران والنسيان، من أهم المشاريع البيئية في مدينة الرياض موفرا مرفقا ترويحيا رئيسيا.
كل ما تم ذكره من أمثله هي بعض من خارطة طريق بيئية وترويحية رسمها سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز لمدينة الرياض وهي بحول الله ستساعد في تقديم مستوى أفضل من الحياة لسكان الرياض وستحسن من قدرة المدينة على معالجة وتخفيض مستويات التلوث، وستساهم بإذن الله بالقفز بتنافسية الرياض بيئياً وترويحياً بين مدن العالم، حيث ستتيح مع ما هو موجود من رقعة خضراء في الرياض مساحات إضافية تتناسب مع المعايير الدولية فيما يخصص من أمتار مربعة كمناطق خضراء لكل ساكن من سكان المدينة.
أذكر بالعرفان دور صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز، رحمه الله، في مسيرة تنمية منطقة الرياض طيلة فترة عمله نائباً وعضداً لسمو الأمير سلمان بن عبد العزيز ثم أميراً للرياض, كما لا يفوتني أن أذكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعد بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض السابق وما عرف عن سموه رغبته العمل الصادق والإنجاز المثمر بصمت. كذلك لا بد من ذكر الإخوة الزملاء من أصحاب السمو والمعالي أمناء الرياض السابقين على جهودهم الرائدة في التأسيس والإنجاز.
كما أثق في رؤية سمو الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض وسمو نائبه الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز وهما اللذان يبذلان جهوداً متواصلة بعزمٍ صادق على استمرار الدفع بعجلة مسيرة التنمية الشاملة في منطقة الرياض، في تبني ودعم خطة الحدائق الكبرى والتي ستتطلب بالإضافة إلى جهود المخلصين في أمانة منطقة الرياض ومركز المشاريع والتخطيط بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، مشاركة أوسع من الجهات الحكومية والخاصة.