ها نحن أمام ذكرى توحيد وطن، فإذا بنا نعيد تذكر تاريخ مضى مازال متصلا بأيامنا التي نحياها الآن، فيه كابد أجدادنا مشقة الحياة وصعوبتها التي كانت تختلف اختلافا كليًا عن ما حدث بعد ذلك في ظل الاستقرار والتوحيد على يد الملك عبدالعزيز آل سعود في عام 17-11-1351هـ تحت مسمى المملكة العربية السعودية.
فقد كانت الحياة الاجتماعية في نجد ما قبل التوحيد قائمة على القبلية ومنها تنحدر التجمعات والانتماءات وتنقسم على حسب نمط حياة السكان إلى قسمين تشكل بها المجتمع النجدي وهما:البدو والحضر. فالبدو قامت حياتهم على التنقل والترحال متتبعين موارد المياه ومواطن الرعي، واقتصرت معيشتهم على الأقوات البسيطة والملابس الضرورية متخذين من بيوت الشعر مساكن لهم.
أما الحضر فقد تميزت حياتهم بالاستقرار في المدن والقرى فأنشؤوا البيوت والمساكن والمساجد، ومارسوا التجارة والزراعة وبعض الحرف الصناعية، ويعود نسب البادية والحاضرة إلى قبائل عربية معروفة وكان غالب الحضر بدوا ثم استقروا في المدن وتحضروا.
وقد نشأت علاقات تبادلية منفعية بين البدو والحضر على حسب الاحتياجات فقد قايض البدو فائض إنتاجهم من الإقط والسمن والصوف والجلود المدبوغة الحضر بالتمر والأرز والقمح والقهوة والأسلحة.
وامتدت العلاقات بينهم لتشمل «الخوة» وهي ما يدفعه الحضر من مال أو تمر أو قمح وغيره للبدو مقابل حمايتهم في حال أراد الحضر السفر خارج قراهم سواء للتجارة أو الحج أو غيره. وفي بعض الحالات قد يحالف أهالي بعض الحاضرة قبيلة معينة دون غيرها من القبائل.
وقد تحدث بينهم منازعات وحروب سواء بين البادية مع بعض أو الحاضرة مع بعض أو الحاضرة مع البادية لأسباب مختلفة فرضتها الحياة آنذاك إن كان على الأرض أو موارد المياه أو التجارة أو أسباب أخرى.
وفي عهد الملك عبدالعزيز اندمج المجتمع البدوي في الحاضرة حين أنشأ الهجر فتم سكن البدو فيها، واتخذ من مدينة الرياض عاصمة لدولته الفتية. فتقارب المجتمع من بعض مع احتفاظ كل مجتمع بكينونته الخاصة التي تميزه عن غيره.
وقد أسهم اتحاد المجتمع بجميع قبائله وأطيافه تحت حكم الملك عبدالعزيز في بروز المملكة العربية السعودية في مصاف الدول فكان لها دور فعال مؤثر في المجتمع الخليجي والعربي والإسلامي ومن ثم دول العالم أجمع.
وقد سار أبناء الملك عبدالعزيز على نهجه حتى عهد الملك عبدالله -حفظه الله- فحظي المجتمع بالاستقرار والتماسك نتيجة لترابطه وائتلافه الذي حافظ على هذا الكيان شامخًا بين دول العالم وأسهم في حفظ استقراره وصد أعدائه تحت راية الإسلام.