روما - موفد الجزيرة - سعد العجيبان:
افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ومعالي عمدة روما البروفيسور النيتسيو مارينو معرض «السعودية ملتقى الحضارات»، المقام في متحف «فتريانو» بالعاصمة الإيطالية روما، وتنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار ضمن الاحتفال بمناسبة مرور (80) عاماً على قيام العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيطاليا.
حضر حفل افتتاح المعرض معالي وزير الثقافة الإيطالي ماسيمو براي ونائب وزير الخارجية الإيطالي لابو بستلي، وصاحب السمو الأمير خالد بن سعود مساعد وزير الخارجية، وصاحب السمو الأمير محمد بن سعود بن خالد وكيل وزارة الخارجية لتقنية المعلومات المشرف على لجان الاحتفال بمرور 80 عاماً على العلاقات الدبلوماسية السعودية - الإيطالية، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى إيطاليا صالح بن محمد الغامدي، وعدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية والدبلوماسية الإيطالية والعربية والدولية.
وأكد سمو الأمير سلطان بن سلمان في كلمته خلال حفل الافتتاح أن ما يتم في المملكة من توسع كبير في المحافظة على تراثها وجعله قريباً من المواطنين يأتي إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - وهو ما جعل الاعتزاز بعمقنا التاريخي والحضارات المتعاقبة على الجزيرة العربية، وخصوصاً الحضارة الإسلامية التي بدأت على تراب الجزيرة العربية وامتدت إلى أصقاع العالم، جعل هذا الاعتزاز مكوناً أساساً للشخصية السعودية.
وقال سموه: إن المملكة العربية السعودية ليست بلد نفط فقط، وهي تعتز بما حباها الله من ثروات صرفتها لرقي مواطنيها وتنمية البلاد في شتى المجالات، ولكن اعتزازنا الأكبر بأن بلادنا هي مولد الدين الإسلامي العظيم ومهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين، وأنها بلد الاقتصاد ما أهّلها لتكون ضمن دول العشرين، وهي بلاد التواجد السياسي الخيّر والثقل الإقليمي والدولي الكبير، وهي بلاد تقاطعت عليها الحضارات، وشكَّلت أرضها ملتقىً لها.
وأضاف سموه: «إن اختزال مكانة المملكة في الاقتصاد أو النفط كمن لا يعرف عن إيطاليا سوى الموضة أو السيارات الرياضية ويتجاهل مكانتها التاريخية والحضارية وثقلها الاقتصادي أو السياسي».
وعبَّر رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار عن سعادته بإقامة هذه المناسبة في بلد الحضارة والثقافة، وقال: «العلاقات بين الجزيرة العربية والرومان علاقات تتسم بالاحترام والندية، وتنبني على التكامل بين الحضارة الرومانية والحضارات التي نبعت من الجزيرة العربية التي استوطنتها علاقة راسخة، واستمرت بعد الإسلام، ونحن نحتفي اليوم بإحدى أولى العلاقات الدبلوماسية التي تمت بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيطالية منذ ما يزيد على 80 عاماً، ونحن نستحضر المشترك الذي يجمعنا بكوننا ورثة حضارات عظيمة أثرت في التاريخ البشري».
وأضاف سموه: «نحن نستكشف في أرض المملكة حضارات عديدة ومتعاقبة عبر التاريخ، منها الحضارة الرومانية»، مبيناً أن عمليات التنقيب والدراسات الأثرية قد تضاعفت خلال السنوات الخمس الماضية منذ استلام الهيئة لقطاع الآثار والمتاحف حتى بلغ عدد البعثات السعودية الدولية التي تعمل حالياً في مناطق عديدة من المملكة 25 فريقاً من الباحثين السعوديين مع نظرائهم من عدد من الدول.
وتابع سمو الأمير سلطان بن سلمان يقول: نحن نفخر بالفرق الإيطالية التي تعمل معنا، وقد وقَّعنا أمس اتفاقيات جديدة للتوسع في مجالات الآثار والاستفادة من الخبرات الإيطالية في عمليات الترميم للتراث العمراني، حيث تم البدء في عمليات ترميم غير مسبوقة في المملكة، وسنتوسع في عمليات التعلم من التجربة الإيطالية في إدارة المتاحف وإدارة الموجودات والمكنوز الثقافي.
وبيَّن سموه أنه تم في الأسبوع الماضي اكتشاف جديد لآثار رومانية غارقة في البحر الأحمر، وقال: لذلك نحن نعتز أن بلادنا هي بلاد الإسلام وبأن هذا الدين العظيم لم يقم على أرض مفرغة من الحضارات، بل أتى الإسلام في أحد أهم الحقب التاريخية للجزيرة العربية، وأتى في عقر دار أهم حضارة قوية اقتصادياً وثقافياً غير من تاريخ مستقبل الجزيرة بأن شكّل هذا النور وشكّل حضارة جديدة هي الإسلام.
وزاد سموه: كل المراقبين والمنصفين يعلمون أن المملكة الدولة الأولى في المنطقة في مجالات التنمية والعلوم والتعليم، وهذا لم يتأت لوجود النفط فحسب، بل جاء بفضل من الله ثم بوجود القوى الذاتية من المواطنين المحبين لبلادهم من رجال ونساء، من أحفاد من شاركوا في توحيد بلادهم في تاريخها الممتد لأكثر من ثلاثمائة عام، وهم من يسعون الآن لتكون المملكة في مصاف الدول المتقدمة.
من جانبه قال معالي عمدة روما البروفيسور النيتسيو مارينو: إن روما تعيش يوماً خاصاً لأنها لحظة تاريخية ومحطة على مسار العلاقات الإيطالية - السعودية، عن علاقة تتنامى أكثر فأكثر، نحن سعيدون بتجديد الولاء والصداقة بمناسبة مرور 80 عاماً على بدء العلاقة الدبلوماسية بين البلدين.
وأشار إلى أن الروابط التي تجمع المملكة بروما عريقة تعود إلى العديد من القرون، فالعملات الرومانية القديمة الموجودة في هذا المعرض هي دليل على عمق العلاقات بين الحضارتين منذ الأزل.
وأضاف البروفيسور النيتسيو: «اليوم» نشهد هذا المعرض الذي يسمح لنا باكتشاف المملكة أرض الحوار والثقافة، يضم تحفاً عريقة بعضها يعود إلى ما قبل التاريخ، وهذا دليل على عراقة التراث الثقافي السعودي.
وتابع عمدة روما يقول: نحن محظوظون أن نستضيف معرضاً يضم كنوزاً أثرية أبهرت العالم عند النشر ونحن اليوم نراها تعرض هنا في روما، وهذا مدعاة شرف واعتزاز لروما ولإيطاليا، معرباً عن شكره لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، ولصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار على جهودهم لإقامة هذه الفعالية، عاداً ذلك بادرة صداقة ومودة خاصة من قِبل السعودية تجاه العاصمة الإيطالية وهذه المبادرة تسمح بتلاقي الحضارات، وتجعل العلاقة أكثر قوة وحيوية.
من جهته قال معالي وزير الثقافة الإيطالي ماسيمو براي: إن هذا المعرض الذي نفتتحه «اليوم» يعرض قطعاً أثرية لحقب تاريخية مختلفة تقدم لزوارها نواحي غير معروفة تجعلنا ندرك أهمية العلاقات العريقة بين البلدين والتي تتميز بثقافة راقية ومتفتحة على العالم آنذاك.
وأكد وزير الثقافة الإيطالي أهمية نشر ثقافة الحوار والثقافة والحضارة بين الجانبين، وقال: رحبت على الفور حينما عرضت عليّ فكرة الاحتفال عن طريق معرض يحتفي بطابع روح الحوار والتعاون الذي ميَّز تاريخ هذه الأرض وتاريخ علاقتنا.
وبيَّن معالي وزير الثقافة أن مذكرة التعاون التي تم التوقيع عليها في مجال التعاون الثقافي بين البلدين ستوطد التعاون وتجعل من حوار الثقافة امتداداً لما امتازت بها علاقتنا.