نحتفل هذه الأيام بالذكرى الثالثة والثمانين لتوحيد هذا البلد العظيم، وخير ما يحتفي ويحتفل الوطن بهم هم أبناؤه البررة الصادقين الذين خدموا هذا الوطن وأبناءه بكل حب وإخلاص.
في الأيام الماضية ودعنا بكل حزن وأسى أحد هؤلاء الأبناء المخلصين الذين عشقوا هذا الوطن ألا وهو الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالرحمن العقيل، فقد كان - يرحمه الله - مثالاً للإخلاص والأمانة.
ولعل طلبته في مدارس رياض نجد يذكرون نشاطه وإشرافه الشخصي على كل صغيرة وكبيرة، فقد كان - يرحمه الله - يراقب حركة سير السيارات ويتأكد من دخول الطلبة للمباني بشكل يومي، وهو آخر من يخرج من المدارس حتى يتأكد من رجوع كل الطلبة إلى منازلهم ويحرص بألا يتعرض أحد للفتيات. وقد كان لي معه - يرحمه الله - موقف لن أنساه ما حييت. كنت في التاسعة من عمري وقد سجلت في دورة داخل المدارس لتطوير اللغة الإنجليزية موعدها كل خميس. وفي أحد الأيام أوصلني أخي سلطان - رحمه الله - للمدارس لحضور الدورة وليحضر هو اليوم المفتوح المقام في قسم البنين في المدارس وعند دخولي مبنى البنات فوجئت بأن المبنى خالٍ من الطالبات والمعلمات وخرجت لأستفسر من البواب فأخبرني بأنه تم إبلاغ الجميع بإلغاء موعد الدورة لهذا اليوم. فما كان لي إلا أن أتوجه لمبنى البنين لأبحث عن أخي الأكبر ليتصرف وعند دخولي المبنى التقيت الأستاذ إبراهيم العقيل - يرحمه الله - وأستفسر عن وجودي داخل مبنى البنين فأبلغته بما حدث، فما كان منه إلى أن أخذني إلى مكتبه وأوصى أحد الموظفين باستدعاء أخي ولمس لدي شعور الخوف والرهبة فأعطاني ورقة وقلما لأرسم وراح يسألني عن أحوال أهلي، وطلب من أحد الموظفين أن يحضر لي وجبة من اليوم المفتوح ليكسر الجليد حتى وصل أخي وكلم الوالد ليخبره بما حصل ويأخذني، وطلب من أخي الذهاب والاستمتاع بالفعاليات وهو سينتظر معي. ولم يتركني حتى أوصلني للسيارة بنفسه.
هكذا كان أستاذ إبراهيم العقيل - رحمه الله - أبا حنوناً معطاء يعامل الجميع كأنهم أبناؤه وبناته، ألا رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.. إنه هو السميع المجيب.