نيويورك - عبدالمحسن المطيري:
دائمًا ما نشاهد أفلامًا عبر تاريخ السينما الأمريكية التي تحكي تاريخ أمريكا الحديث عبر القصة يخرجها صناع أفلام ينتمون للعرق الأبيض، باستثناء محاولات سبايك لي لم نجد صانع أفلام من أصل إفريقي يقدم فيلمه الرائع «The Butler» يسرد فيه تاريخ أمريكا خصوصًا مرحلة حركة الحقوق المدنية.
المخرج الصاعد الصلب لي دانييل يقدم هذا العام فيلم على أعلى المستويات الفنيَّة والفكرية بطاقم غني مكون من الرائعة أوبرا وينفري، وفورست وايتايكر مع الخطير ترينيس هاورد.
يقدم الفيلم بعمق جذاب قصة كفاح لرجل أسود يكافح من أجل عائلته في فترة حساسة في تاريخ الولايات المتحدة وهي حركة الحقوق المدنية، الثورة التي كانت على يد مالكوم اكس والدكتور مارتن لوثر كينج مع ويتني يونغ وآخرين بين عامي 1955 و1968، إلى أن تعديل مواد للدستور تحفظ للسود وللأقليات حقوقهم.
يسرد الفيلم بشكل مثير للإعجاب قصة رجل يعيش تلك المرحلة المهمّة في تاريخ الولايات المتحدة وهو يعمل في البيت الأبيض كنادل وبالطبع مفروض عليه أن يكون محايدًا.
زوجته في الجانب الآخر تعاني من أزمة نفسية جعلتها مدمنة للكحول ومتورطة بعلاقة غير شرعية، تواصل الزوج مع زوجته في هذا الفيلم يبدو باردًا وباهتًا كما أراده المخرج لي دانييل، الذي يقدّم -كما عوّدنا- عمقًا نفسيّا للشخصيات بشكل لا يختلف كثيرًا عن فيلم المرحلي» Precious».
قيمة الفيلم وأهميته أنه جاء من مخرج يعرف كيف يتعامل مع هذه المرحلة الحساسة في تاريخ أمريكا، وليس كما قدّمها الغير بشكل محافظ مثل روبرت زيمكس وإلفير ستون.
مشاهدة هذا الفيلم على الرغم من جودة القصة إلا أن الأحداث المرحلية والتحولات اللافتة في تاريخ الحركات الحقوقية والمدنية تأسرك بشكل مدهش، تجعلك لا تقاوم المتعة في سرد تلك التحولات المفصلية في تاريخ حقوق الأقليات في الولايات المتحدة والعالم بأسره، وهذا الفيلم يقدم تاريخ أمريكا الأسود والدامي من وجهة نظر السود هذه المرة.
القوة والعمق في مضمون ورسالة الفيلِم لا تجعلنا نغفل عن الأداءات المتماسكة والعميقة من الممثلين خصوصًا أوبرا وينفري التي لم تحترف التمثيل ولكنها هذا العام تقدم أحد أكثر الأدوار الثانوية قيمة، ولا ننسى فورست وايتايكر الذي حتمًا سوف يحجز مقعدًا أوسكارًا في فئة أفضل ممثل مساعد، ويعرض الفيلم حاليًّا في الولايات المتحدة وعلى عكس التوقعات حقق الفيلم نجاحات كبيرة في شباك التذاكر.