الانخراط في الأعمال التطوعيّة حثّ عليه ديننا الحنيف وأزجل لصاحبه الأجر والمثوبة، فهو عمل يقصد به المتطوع تقديم الخدمة والجهد لمن يحتاجه، سواء بالمال أو النفس أو القلم أو الفكر أو غيرها بما يحقق إنجاز الحاجة المطلوبة بالأسلوب المناسب.
والملاحظ خلال الأيام المباركة من شهر رمضان الماضي أننا نشاهد أعدادًا كبيرة من المتطوعين والمتطوعات يقدمون خدمات تطوعيّة جليلة لإخوانهم المسلمين، فهذا متطوع يساهم في إفطار الصائمين في بيوت الله أو على الطرق السريعة، وذاك آخر يقدم المساعدات العينيّة والمادية للأسر المحتاجة، وتلك متطوعة تزور دور العجزة والمسنين تقدم لهم المساعدة والعون على تحقيق احتياجاتهم وطلباتهم، وتلك مجموعة تحمل الزكوات وتوزعها على الفقراء والمساكين، إنها صور مشرقة وجميلة تجسّد التكافل وتلمّس احتياج الآخر في صمت وبدون ضجيج وبعيدّا عن كاميرات الشهرة والأضواء.
إنها أعمال الخير تزدهر في هذا الشهر الكريم وتزيد ويتسابق الكل للفوز بأحدها.
لكن رغم هذه الجهود وهذه المساهمات الخيّرة إلا أنها تفتقر للتنظيم والترتيب والتخطيط السليم وبمعنى أشمل تفتقر إلى العمل المؤسساتي الذي ينظم هذه الأعمال وينسق مع الجهات المعنيّة وبما يكفل تحقيق الأهداف وحفظ حقوق المتطوع.
لذا فإنني ما زلت أناشد وأطالب المسؤولين في وزارة الشؤون الاجتماعية على تبني فكرة إنشاء (الجمعية السعودية للخدمات التطوعيّة) والتي تقدّمت بها في ورقة عمل ألقيت في المؤتمر السعودي الثاني للتطوع والذي أقامتة جمعية الهلال الأحمر السعودي بالتعاون مع المديرية العامة للدفاع المدني خلال فترة من 21-24 - 2-1428هـ بمدينة الرياض، والتي تهدف إلى تأسيس جمعية وطنية تستقطب المتطوعين وتقوم على تدريبهم وتأهيلهم على كافة الأعمال الخيرية التي يحتاجها المجتمع وتكون وسيطاً لتأمين الاحتياج من المتطوعين لأي جهة أو مؤسسة خيرية، وتحفظ حقوقهم وتحدد واجباتهم.
إن إنشاء هذه الجمعية سوف يحقق الكثير من المزايا للجهات الخيرية وللمتطوعين حيث يكون العمل التطوعي تحت مظلة نظامية ومسؤولية قانونية تعمل على تطوير الخدمات التطوعية وتكون صوت المتطوعين لدى كافة الجهات الرسمية والشعبية.. أتمنى أن تجد هذه الفكرة اهتمامًا من معالي وزير الشؤون الاجتماعية الذي عوَّدنا دائمًا على تبني مثل هذه الأفكار وتشكيل فريق عمل من المختصين في تلك المجالات لدراستها وتفعيلها، والله الموفق والمعين.