من يطلع على الكتاب القيم للفنان التشكيلي والكاتب الأستاذ أحمد فلمبان أو ممن هم على صلة أو تواصل في المجال معه أو زامله، سواء من الجانب التربوي أو المشهد التشكيلي أو الثقافي والفني والإبداعي والبحثي سيلحظ أن هذا الكتاب الذي حوى بين طياته سيرته الذاتية، كما وفق في اختيار عنوان له إذ سماه (ذاكرة على السطح) قد سبر غور شخصية الأستاذ أحمد منذ التنشئة الأسرية والاجتماعية الجميلة، وما مر بعدها من مراحل عمرية، وإن كان يشوبها شيء من بعض المعاناة التي ربما أنها من الدوافع الإيجابية نحو التألق والإبداع، ثم كقامة تشكيلية سعودية نهلت من العلم أكاديمياً، وما صاحب ذلك من أبحاث وتجارب في التشكيل، فضلاً عن المشاركات الداخلية والخارجية من خلال أعماله مما ساهم في إبراز تلك الجهود المشرفة محلياً ودولياً وكرائد من وراد الفن التشكيلي السعودي لمواكبته مراحل تطوره وكموثق متمكن.
لذا فهذا الكتاب غني بمادته كبير بعطائه، إذ أظهر من خلال تلك السيرة الذاتية الكثير من الجوانب التاريخية والتوثيقية والتحليلية المهمة في مجالات الفنون التشكيلية ومدارسه واتجاهاته المختلفة التي لا يستغني عنها المتابع والباحث، فضلاً عن العرض الشيق للكثير من المظاهر الاجتماعية والبيئية التي يزخر بها المجتمع السعودي، أما حجم الكتاب فهو مناسب جداً وبإعداد وإخراج جيدين، ومن الحجم المتوسط، وحوى (266) موضوعا اتسمت بالعرض المفيد والممتع والتسلسل الزمني لحياة الفنان العملية والإبداعية، كما حوى الكتاب (300) صفحة تقريباً، منها ما يزيد على (30) صفحة، متضمنة ما كتب عنه من قبل نقاد محليين وعالميين باللغة الإنجليزية ونبذة عن سيرته الذاتية أيضا.
لذا فمن الصعوبة بمكان استعراض ما تتمتع به شخصية الأستاذ أحمد من مواهب متنوعة عدة منّ الله بها سبحانه عليه وحقق من خلالها مراكز متقدمة، فإلى جانب كونه فناناً تشكيلياً وصل بإبداعاته إلى العالمية فهو رائد ومعلم وتربوي وإداري ناجح وخطاط ماهر وموسيقي وناقد وكاتب وباحث وصحفي ومؤرخ تشكيلي متمكن من أدواته ورؤيته المدروسة، وهذا ما نلمسه من خلال سيرته الذاتية عبر نصف قرن من الزمن.
وختاماً فهذا الكتاب جدير بالاطلاع والإفادة منه في إثراء ثقافة الفنان والقارئ الكريم بشكل عام وتهنئته للأستاذ أحمد على هذا الإنجاز الموفق.