ما من شك أن الكرة التونسية لم تسجّل على مدى تاريخها هذا الكم الهائل من المشاكل المستفحلة التي تفجّرت مع الأيام الأولى للثورة، حيث ضاعف الانفلات الأمني والإعلامي من درجة التسيب المادي واللفظي مما زاد البطولة الوطنية ضرار على ضرر وأفشل المخططات الرسمية للمشاركات التونسية في المحافل القارية والدولية.
آخر الفضائح ما أعلنته الإذاعة الرسمية الاثنين من أن مواطناً يحمل الجنسية المزدوجة الكامرونية التونسية، وهو الوحيد تقريباً في هذه الوضعية، اتصل بأحد رؤساء الرابطات ليعلمه أن طرفاً مسؤولاً بوزارة الرياضة طلب منه التوسط لإرشاء الحكم المالي « كوليبالي» للتأثير عليه ودفعه إلى الانحياز إلى المنتخب الكامروني عبر حسمه للقاء المنتظر مع نسور قرطاج في إطار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم البرازيل 2014 . وقد أصيب الشارع الرياضي بصدمة عنيفة لن يستفيق منها إلا متى انتهى التحقيق الذي أمرت به الوزارة بعد أن قال هذا الشخص الذي اقر بتوسطه سابقاً في هكذا مهمات رشوة قذرة، بأن المسؤول المعني من كلامه هو وزير الرياضة شخصياً الذي لم يعد يخفى على أحد عداوته مع رئيس جامعة أو اتحاد كرة القدم، وديع الجريء، وبرز صراع الرجلين قبل قرار اتحاد الكرة الإفريقي «الكاف» ترشيح المنتخب التونسي على حساب منتخب الرأس الأخضر على الرغم من فوز هذا الأخير وذلك بسبب احترازات منطقية وموضوعية استفاد منها نسور قرطاج فترشحوا بخسارة أمام منافسهم في أول واقعة تسجل في تاريخ الكرة التنونسية.
ويذكر أن وزير الرياضة، اللاعب الدولي السابق في فريق الترجي الرياضي ولاعب المنتخب، طارق ذياب، كان راسل الاتحاد الدولي للكرة «الفيفا» طالباً تنحية رئيس اتحاد الكرة، ولولا تأكيد هذا الأخير للفيفا بعدم تدخل الحكومة أي السلطة التنفيذية في شؤون الاتحاد عبر مراسلة تهدئة بعثها الجريء، لكان اتحاد الكرة في عداد المفقودين بعد أن عادت مراسلة الوزير بالوبال عليه وعلى حكومة علي العريض التي اتهمتها الفيفا بالدخول فيما لا يعنيها.
بعد يومين لا أكثر من هذه الواقعة التي خلفت استياءً عميقاً في الأوساط الرياضية وزادت من أعداء وزير اليوم لاعب الأمس، وبعد ملاسنات ومشادات تلفزية مباشرة بين الوزير ورئيس اتحاد الكرة، وجدت صداها التصعيدي في وسائل الإعلام المكتوبة، جاء الدجال المعروف عنه قذارة تدخلاته وصولاته وجولاته في مجال الشعوذة وحبك المؤامرات الدنيئة ليصب الزيت على نار مشتعلة بين الوزير ورئيس اتحاد كرة القدم الذي يتمسك كل واحد منهما بإجراء تحقيق شفاف ونزيه للوقوف على حقيقة ادعاءات الكامروني - التونسي الذي كان ادّعى سابقاً علمه بمخطط لاغتيال أحد الوجوه الرياضية البارزة على الساحة سرعان ما كذبتها المصالح الأمنية بعد بحث دقيق أجرته في الغرض.الأكيد أن يوم غد سيكون حاسماً لا في صراع الوزير ورئيس اتحاد الكرة فحسب، بل في الملف ككل باعتبار أن حكومة علي العريض التي نفت علمها وتدخلها في الشأن الرياضي وباتت تشعر بالقلق من تزايد مشاكل الوزير الذي كان وعد إبان تسلّمه منصبه الحكومي بالإسهام الفاعل في حلحلة المشاكل الخانقة التي تشكو منها الرياضة التونسية وعلى رأسها كرة القدم.