قال مصرفيون: إن ولاية أوسون النيجيرية بدأت عملية طرح سندات إسلاميَّة (صكوك) لأول مرة في البلاد قاطعة خطوة كبيرة نحو تطوير قطاع التمويل الإسلامي في البلد الإفريقي الأكبر من حيث عدد السكان.
وبهذا الإصدار تصبح نيجيريا أول اقتصاد كبير بين الدول الإفريقية الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى يبيع صكوكًا بالرغم من أن جامبيا باعت صكوكًا عبر إصدارات صغيرة لعدة سنوات.
وأعدت بلاد إفريقية أخرى منها جنوب إفريقيا وكينيا والسنغال خططًا لإصدار صكوك للوفاء بالطلب العالمي المتنامي على أدوات الدين الإسلاميَّة لاسيما بين الصناديق الإسلاميَّة الثرية بالسيولة في منطقتي الخليج وجنوب شرق آسيا.
وحسب نشرة الاكتتاب التي اطلعت عليها رويترز فإنَّ صكوك ولاية أوسون الصادرة بقيمة تصل إلى عشرة مليارات نايرا (62 مليون دولار) ولأجل سبع سنوات بالعملة المحليَّة ستمنح المستثمرين عائدًا ثابتًا بين 14.25 و14.75 في المئة.
ويعيش في ولاية أوسون الواقعة جنوب غربي البلاد والمنتجة للكاكاو نحو 3.5 مليون نسمة. وسيتم استخدام حصيلة الصكوك في بناء مدارس حسب نشرة الاكتتاب
وكان مصرفيون قالوا سابقًا: إن ولاية أوسون تأمَّل أن تقوم صناديق التقاعد المحليَّة والمستثمرون الدوليون بشراء الطَّرح المتوقع إدراجه في البورصة النيجيرية.
وفي مارس آذار الماضي اعتمدت لجنة الأوراق الماليَّة والبورصات النيجيرية قواعد جديدة لتيسير إصدارات الصكوك. ويدين نحو نصف سكان نيجيريا البالغ عددهم 160 مليون نسمة بالإسلام وهي بذلك تستضيف أكبر جالية مسلمة بين بلاد إفريقيا جنوب الصحراء.
من ناحية أخرى، أعدت شركة بيتك للأبحاث المحدودة، التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي تقريرًا حول التمويل الإسلامي في جنوب إفريقيا، مشيرة إلى أن ثمة تطورات كبيرة حدثت في السنوات الأخيرة في جنوب إفريقيا تدفع في اتجاه جعلها واحدة من أهم الدول الإفريقية في قطاع التمويل الإسلامي.
وذكر التقرير أنّه في الوقت الذي تمتلك فيه جنوب إفريقيا فرصًا واعدة للتوسع في التمويل الإسلامي في إفريقيا، كونها الدَّوْلة الأكثر تقدمًا في القارة من حيث الهياكل التشريعية والحوكمة، إلا أن تحدِّيات عدَّة مازالت تجابه انتشار التمويل الإسلامي بما يتلاءم مع قدرات هذه الدولة، أبرزها عدم وجود تشريع يختص بإدارة شؤون المصارف الإسلاميَّة.
وفي التفاصيل، قال تقرير «بيتك للأبحاث»: إنّه على الرغم من قلّة عدد السكان المسلمين في جنوب إفريقيا، إلا أن الحكومة الجنوب إفريقية كانت واحدة من المتسابقين أمام جعلها مركزًا للتمويل الإسلامي في إفريقيا.
وأشار التقرير إلى أنّه في عام 2008م، شكَّلت وزارة الخزانة الوطنيَّة في جنوب إفريقيا مجموعات عمل مكوَّنة من ممثلين عن البنوك وشركات التأمين والمحاسبة والاستثمار لدراسة المتطلبات والآثار المترتبة على التزام الحكومة بخلق نهج أكثر انصافًا للتمويل الإسلامي في البلاد.
وذكر التقرير أنّه على صعيد قطاع المصارف الإسلاميَّة، تَمَّ تأسيس بنك البركة كأول بنك إسلامي متكامل في جنوب إفريقيا في عام 1989م، وقامت البنوك التقليدية الرئيسة مثل البنك الوطني الأول (FNB) وهو جزءٌ من مجموعة فيرست راند، وبنك اتش بي زد وبنك ابسا بإنشاء نوافذ إسلاميَّة جنبًا إلى جنب مع الممارسات المصرفية التقليدية، كما يوجد حاليًّا بنك واحد يقوم بتقديم الخدمات الماليَّة الإسلاميَّة بشكل متكامل بالإضافة إلى أربع مؤسسات تقوم بتشغيل نوافذ إسلاميَّة، لافتًا إلى أنّه بعد أن أصبح البنك الوطني الأول أول بنك تقليدي يقوم بتقديم خدمات التمويل الإسلامي في عام 2004م، تَمَّ استخدام هيكل الإجارة في السوق في خدمات تمويل السيَّارات والأصول.
وبعد ذلك بعام تَمَّ إدخال منتجات المضاربة، وكذلك تَمَّ توفير أنظمة المنتجات التجاريَّة والعقارات المتوافقة مع الشريعة الإسلاميَّة.
وعلى صعيد إدارة الأصول، بيَّن التقرير أن إدارة الأصول الإسلاميَّة في جنوب إفريقيا بدأت عام 1992 مع إطلاق أول صندوق إسلامي مشترك في جنوب إفريقيا، باسم صندوق فيوتشر جروث البركة ايكوتي.
ونوّه التقرير إلى أن عدد شركات إدارة الأصول في جنوب إفريقيا يبلغ 11 شركة تقدم أنظمة استثمارية متوافقة مع الشريعة الإسلاميَّة.
وفيما يتعلّق بالصكوك، ذكر التقرير أن جنوب إفريقيا تنضم إلى مجموعة منتقاة من المناطق الجديدة التي تقوم بالإعداد لإصدار الصكوك السيادية، وقد تَمَّ إصدار الدعوة إلى البنوك في ديسمبر 2011م، لتقديم العطاءات الخاصَّة بخدمة تقديم الاستشارات بشأن هيكلة وإصدار السندات الحكوميَّة الإسلاميَّة في الأسواق المحليَّة والعالميَّة، كما قامت وزارة الخزانة الوطنيَّة في البلاد بتعيين ستة بنوك لتقديم الاستشارات بشأن توقعات إصدارات الصكوك السيادية.
وقال تقرير «بيتك للأبحاث»: إن المسلمين في جنوب إفريقيا يمثِّلون حوالي 2 في المئة من سكان البلاد ولكن تدل كل المؤشرات على أنهَّم يسهمون بنسبة تزيد على 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، لافتًا إلى جلب رجال الأعمال المسلمين وشركائهم العلامات التجاريَّة العالميَّة إلى جنوب إفريقيا، فضلاً عن أنهَّم يقومون بتنفيذ عدد من أكبر المشروعات الإنشائية ومشروعات تطوير البنية التحتية في البلاد.
وقال التقرير: إن هناك تحدِّيات أخرى تحتاج إلى أن يَتمَّ التَغَلُّب عليها لتطوير قطاع التمويل الإسلامي في جنوب إفريقيا، أهمها:
- عدم وجود وعي وانتشار جغرافي بالنسبة للمنتجات والخدمات الإسلاميَّة.
- ندرة رأس المال البشري.
- القدرة على تقديم خدمات مصرفية إلى العملاء المسلمين الأثرياء تستند إلى احتياجات الأشخاص ونوعية العلاقات.
- تطوير وتعزيز الحلول المصرفية المتكاملة المتوافقة مع الشريعة الإسلاميَّة لإدارة الاستثمار والمعاملات والتمويل والتكافل والأصول والعقارات وكذلك إدارة الثروات.
- عرض منتجات وخدمات متوافقة مع الشريعة الإسلاميَّة بطريقة تكون في متناول اليد وبطريقة يسهل الوصول إليها.
- تطوير المزيد من منتجات التكافل وخصوصًا تلك المتعلِّقة بالمعيشة والاستثمار.
- إقناع السلطات بالتعديل والسماح للأدوات والصكوك الإسلاميَّة أن يكون لديها فرص متكافئة مع الأدوات الأخرى من حيث الضرائب والأمور التنظيمية.