تتأهب سوق السندات الخليجية للخروج من حالة الجمود شبه الكامل التي خيمت عليها طوال خمسة أشهر بعدما فتح قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي بالإبقاء على التحفيز النقدي نافذة للبنوك والمؤسسات لجمع أموال من خلال إصدارات الدين.
وفي أسواق السندات العالمية تم جمع 16.6 مليار دولار الخميس الماضي ما يعادل أربعة أمثال إصدارات اليوم السابق. لكن استجابة أسواق الخليج لن تكون بهذه القوة لأسباب منها أن معظم المقترضين المحتملين بالمنطقة لديهم سيولة كافية بفضل النمو الاقتصادي ولا يحتاجون الاقتراض بصورة عاجلة
وبعد ساعات من قرار الاحتياطي الاتحادي أعلنت مؤسستان خليجيتان هما سابك السعودية ومصرف الهلال في أبوظبي خططا لتنظيم عروض ترويجية للمستثمرين ما يعكس طمأنينة بعودة الاستقرار للسوق بما يساعد على ابرام صفقات. وبعد ذلك، أصدرت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) سندات خمسية بمليار دولار الخميس الماضي وهو إصدار دولاري نادر من كيان سعودي قوبل بطلب قوي من المستثمرين. أما بخصوص مصرف الهلال، فسوف يستفيد من كونه مملوكا بالكامل للحكومة ومن اختياره صيغة الصكوك حيث لا تزال شهية مستثمري الخليج ذوي السيولة المرتفعة للصكوك أكبر من العرض.
وقد يحد اقتراب عيد الأضحى من حرية الحركة لمصدري السندات الخليجيين حيث ستغلق السوق أبوابها أسبوعا كاملا بداية من منتصف أكتوبر تشرين الأول.
ويقلل قرب موعد العيد مساحة المناورة أمام المقترضين الخليجيين قبل موعد اجتماع السياسات الخاص بمجلس الاحتياطي الاتحادي المقرر أواخر أكتوبر تشرين الأول. وأبلغ جيمس بولارد رئيس فرع الاحتياطي الاتحادي في سان لويس تلفزيون بلومبرج الأسبوع الماضي أن المصرف قد يقلص حزمة التحفيز المالي في هذا الاجتماع.
وقال علي سونر جوني مدير صناديق الدخل الثابت في بنك أبوظبي الوطني «تعليقات بولارد بشأن التوقيت أثارت بعض الضغوط بعد موجة الانتعاش الأولية.»
وقد يؤدي هذا إلى دخول قليل من شركات الخليج المستعدة تماما للسوق قبل منتصف أكتوبر تشرين الأول وربما سابك والهلال فقط وتضطر البقية للانتظار إلى ما بعد اجتماع الاحتياطي الاتحادي.
وقال مصرفي متخصص في أسواق الديون بالخليج «الكل يعلم أن الأسعار مقبلة على ارتفاع. هذه مجرد مهلة مؤقتة. أنا أقول للعملاء أن عليهم دخول السوق الآن إن أمكن.»
تسعير مميز
وقالت وثيقة من مرتبي الإصدار في وقت سابق: إن السندات - وهي أول عملية لسابك في سوق السندات منذ عام 2010 - اجتذبت طلبات من المستثمرين بقيمة 5.25 مليار دولار.
وسمح مستوى الطلب بخفض السعر الاسترشادي للعملية مرتين يوم الخميس الماضي. فقد انخفض إلى 135 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية تزيد أو تنقص خمس نقاط أساس ثم إلى 130 نقطة أساس. وكان السعر الاسترشادي الأولي المعلن يوم الأربعاء في حدود 150 نقطة أساس.
وقالت الوثيقة التي أصدرها مرتبو الإصدار: إن الشركة ستستخدم حصيلة السندات - التي صدرت بقسيمة فائدة 2.625 بالمئة - لسداد ديون قائمة وتمويل عملياتها في الولايات المتحدة.
وكان من المتوقع أن تجتذب سندات سابك وهي أكبر منتج للبتروكيماويات في العالم من حيث القيمة السوقية طلبا قويا من المستثمرين الدوليين نظرا لوضع الشركة القوي وندرة السندات الدولارية من الكيانات السعودية.
وقال سبستيان حنين مدير المحافظ لدى المستثمر الوطني «بعد قرار الاحتياطي الاتحادي الأسبوع الماضي ستنتظر السوق فترة ومتوقع أن نرى عودة شركات مقترضة لجمع أموال في الأسابيع القادمة.»
وأضاف «سنشهد ختاما قويا جدا للعام على الأرجح.»
وقال لرويترز محيي الدين قرنفل مدير الاستثمار في الصكوك الدولية وأدوات الدخل الثابت الإقليمية في شركة فرانكلين تمبلتون: إن حركة البيع في السوق الثانوية للسندات بالخليج في الشهور الماضية أتاحت نقطة دخول جيدة لسوق مدعومة بقوة الاقتصادات المحلية وبطلب قوي من المستثمر المحلي.
وقال قرنفل عن السندات التقليدية التي تسعى سابك لطرحها «كل مرة حين نرى إصدارا جديدا من السعودية نتفاءل كما لو كان خطوة للأمام نحو تطوير هذه السوق.»
ورجح مصرفيون دخول شركات أخرى السوق قبل نهاية العام منها بنك الخليج التجاري القطري والإمارات للألمنيوم (إيمال) ودبي للاستثمار.
وهناك توقعات قوية بعودة شركات متصلة بحكومة أبوظبي لسوق الديون بعد طول غياب. ومع اقتراب موعد استحقاق سندات صندوق مبادلة المملوك للدولة البالغة قيمتها 1.25 مليار دولار والتي تستحق في مايو أيار 2014 يأمل مصرفيون أن تصدر الشركة ديونا في الأشهر المقبلة.
وتتطلع ماجد الفطيم لجمع أموال لدعم استحواذها على حصة في كارفور في إطار مشروع مشترك. لكن الشركة المشغلة لمراكز التسوق جمعت أموالا إضافية من قرض إعادة تمويل قيمته مليار دولار هذا الشهر. وهذا يمنحها موارد إضافية يمكن الاعتماد عليها عند الحاجة. وبالتالي قد لا تحتاج إلى إصدار سندات إضافية الآن. وامتنعت الشركة عن التعليق على الأمر
يذكر أن مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي قد تحدى توقعات المستثمرين بتأجيل بداية تقليص برنامجه الضخم للتحفيز النقدي قائلا إنه يريد أن ينتظر ظهور المزيد من الأدلة على نمو اقتصادي قوي.
وجاء رد المستثمرين سريعا بأن دفعوا الأسهم الأمريكية للصعود إلى مستويات قياسية وعوائد السندات للهبوط. وكانت عوائد سندات الخزانة الأمريكية قد صعدت على مدى الصيف بفعل توقعات بأن البنك المركزي سيخفض مشترياته من السندات البالغ قيمتها 85 مليار دولار شهريا والتي تمثل حجز الزاوية في مساعيه لتحفيز الاقتصاد.
وفضلا عن ذلك رفض بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي التعهد بخفض مشتريات السندات هذا العام بل ذهب إلى مدى أبعد بأن أكد أن البرنامج ليس في مسار محدد سلفا.
وفي يونيو قال برنانكي: إن مجلس الاحتياطي يتوقع أن يقلص البرنامج قبل نهاية العام.
وأبلغ برنانكي مؤتمرا صحفيا عقب انتهاء اجتماع لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي والذي استمر يومين لا يوجد أي جدول زمني محدد. أرى أنه يجب علي أن أؤكد ذلك.
وأضاف قائلا: إذا أكدت البيانات توقعاتنا الأساسية وإذا اكتسبنا المزيد من الثقة في تلك التوقعات... فإننا قد نتحرك في وقت لاحق هذا العام.
وجاء رد فعل الأسواق سريعا وحادا إذ هبط الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى في سبعة أشهر أمام العملات الرئيسية، وقفز سعر الذهب - وهو أداة تقليدية للتحوط من التضخم- أكثر من 4%.
وقال محمد العريان الرئيس التنفيذي للاستثمار بمؤسسة بيمكو التي تدير أضخم صندوق استثمار تعاوني في العالم: مجلس الاحتياطي يبقى قلقا جدا من الفتور العام للاقتصاد مفضلا المخاطرة بأن يواصل سياسة شديدة التيسير لفترة طويلة على تشديدها قبل الأوان.
وقال خبراء اقتصاديون: إنه من المحتمل ألا يبدأ مجلس الاحتياطي تقليص مشترياته من السندات حتى ما بعد موعد انتهاء فترة رئاسة برنانكي للمجلس في يناير. وسيترك ذلك مهمة شائكة في سحب برنامج التحفيز لمن سيخلفه والذي من المرجح أن يكون جانيت يلين نائبة رئيس مجلس الاحتياطي التي قال مسؤول بالبيت الأبيض يوم الأربعاء إنها تتصدر المرشحين للمنصب.
وامتنع برنانكي عن التعقيب على مستقبله مكتفيا بالقول إنه يأمل بأن يكون لديه المزيد من المعلومات قريبا.
ووجد استطلاع لرويترز شمل 17 من كبار المتعاملين في وول ستريت أن تسعة منهم يتطلعون الآن إلى أن يقلص المركزي الأمريكي مشترياته من السندات في اجتماعه في ديسمبر. وتوقع واحد فقط خفضا في أكتوبر بينما قال اثنان إن مجلس الاحتياطي سينتظر حتى العام القادم.