يمتاز شهر رمضان المبارك بمجالسه المتعددة التي يرتادها الأقارب والأصدقاء بعد الانتهاء من الإفطار وصلاة التراويح، لقضاء أمتع الأوقات حتى ما قبل وقت السحور، وهي سمة من سمات المدن والقرى السعودية، وعادة تحرص عليها غالبية الأسر السعودية لتقوية الروابط والالتقاء بالأقارب والأصدقاء، سيما في هذا الشهر الفضيل الذي يحفل بزخم كبير من الأعمال الخيرية والتقرب إلى الله بصالح الأعمال، ولعل التواصل والالتقاء بين الأقارب والأحبة هي من الأعمال الخيّرة والتقرب إلى الله.
وفي مدينة شقراء تكثر مثل هذه المجالس في رمضان وتعج بها الأحياء والاستراحات، وتتحول ليالي رمضان إلى ملتقيات تحوّل الليل والهدوء إلى نهار صاخب وتجاذب لمختلف الأحاديث واللقاءات، وهي أشبه بالحوارات الأدبية التي تتخللها القصة والشعر والأدب والنكت والحوارات البنّاءة، كما يتخللها أحياناً حل للخلافات بين متخاصمين طال بينهم الفراق وأحياناً إبرام صفقات بيع وشراء.. إذن هذه المجالس وبإيجابياتها هي أشبه بصوالين اجتماعية وثقافية وترويحية يجد فيها الإنسان الفائدة والمتعة وتزيد من بهجة وجمال الليالي الرمضانية المفعمة بالروحانية، وبما أن مدننا السعودية تزخر بمثل هذه المجالس الرمضانية، فإني سأتحدث عن أحدها - ومثله في شقراء كثير - وهو مجلس الأخ ناصر بن هاجد السبحاني صاحب المجلس الرمضاني الذي لا ينام خلال ليالي رمضان، حيث يفتح المجلس أبوابه بقصره الكبير في حي الرحبة والذي تبلغ مساحته ثلاثة آلاف متر مربع، ويكون المجلس في الحديقة وفي الهواء الطلق، موفر به وسائل الراحة من الجلسات العربية والأرائك لكبار السن والتكييف الصحراوي المنعش وشاشة بلازما كبيرة لمتابعة الأخبار والبرامج الرمضانية والشاي والقهوة، ومختلف أنواع التمور والعصيرات والأكلات الخفيفة التي يمتاز بها شهر رمضان، كما أن الأخ ناصر من حرصه على راحة ضيوفه وضع لهم كشافات إضاءة احتياطية فيما لو انقطع التيار ليستمر المكان مضاءً، ويظل يستقبل أبو تركي ضيوف مجلسه بكل ترحاب وابتسامة وبحجاج طلق ضاحك، ويستمر رواد المجلس بالتوافد حتى قبيل السحور يتبادلون الأحاديث الودية والقصص والذكريات الرمضانية الجميلة، والبعض منهم يقوم برحلات عمرة ويحضر معه ماء زمزم ومساويك، قال لي البعض نحن نجد في هذا المجلس ما لا نجده في منازلنا من الراحة والكرم وحسن الاستقبال وقضاء أمتع الأوقات، وفي منتصف الشهر يقيم صاحب المجلس مأدبة عشاء دسم تكفي الحضور عن السحور، ولعل ما يميز هذا المجلس الرمضاني انه شامل لكل الأعمار فأصغر مرتاديه أبناء مضيفنا هاجد ومنصور لم يتجاوزا سن الخامسة عشر، وأكبر مرتاديه ابن السبعين سنة، وأعتقد أن هذه الأعمار المتنوعة تثري المجلس ليكون مجلساً جامعاً لكل الأعمار والثقافات والتجارب والتواد والمحبة في هذا الشهر الكريم، فشكراً لكل صاحب مجلس رمضاني فتحه ليدخل البهجة والسرور على مرتاديه، وليجمع فيه الأصدقاء والأحباب تكريساً وتذكيراً لغرس الصلة والمحة بين الناس، والتي ينادي بها هذا الشهر الفضيل، وتحية لصاحب مجلسنا الأخ ناصر بن هاجد أبو تركي على كرمه وأريحيته وعادته كل عام لجمع الأحبة والأصدقاء، وأجزل الله له الأجر والثواب.
- شقراء