بلا استثناء، بدت الشخصية الدرامية في أعمالنا المحلية (مقموعة) لا صوت لها، ولا ملامح، ولا شخصية مستقلة، وذلك بفعل (هيمنة) البطل عليها، بعد أن أزاحها جانبا وبدأ يستعرض (عضلاته) عليها، ففي تقديره وتفكيره وثقافته الفنية: أن (يظهر) هو للجمهور، و(يبرز) هو للعيان، و(يعرفه) الجمهور هو فقط، أما الشخصية الدرامية فبدت واهنة ضعيفة لا حول لها وقوة، أبعادها النفسية والجسمية والاجتماعية تذوب وتتلاشى بمجرد أن (يتلبسها) بطل المسلسل.
مهما كتب المؤلف نصه الدرامي، ومهما رسم ملامح شخصياته وحددها، كل ذلك لا قيمة له، بمجرد أن يصل النص للبطل، ويسوء الحال عندما يكون البطل منتجاً، فيصبح كل ما في العمل يصب لصالح هذا البطل، حتى (الكلوزات) توجه له وحده، والجمل المهمة تكون له هو وحده، ويصبح البقية الباقية من الممثلين مجرد (فرشه) وواجهة للبطل.
إنه الويل ثم الويل لمن يسرق (أفيه) البطل، حتى لو حام حوله، فإذا كان البطل قد (وطى على رقبة) الشخصية الدرامية في النص، فمن باب أولى أن يلقن (البقية) من الممثلين درسا لمن يتطاول عليه وعلى فنه وعلى (أفيهاته)، فيما تحمل الشخصية الدرامية (أفيهات) البطل، ويقوِّلها ما يريد، على اعتبار أنها (بوق) لما يريد قوله، فيحصل العكس الشخصية الدرامية هي التي (تتقمص شخصية) البطل فيستنطقها بما يريد.
على سبيل المثال: شخصية (هاملت) لشكسبير، من فرط ما أبدعها الكاتب، وتبعا لقدرات الممثلين الذين تقمصوها باتت وكأنها شخصية حقيقية تمشي على الأرض، صرنا نعرفها أكثر مما نعرف أبناءنا، باتت معروفة في كل أنحاء العالم، ولكن لدينا يحصل العكس: لو ساقها حظها (التعيس) عند البطل الدرامي في أعمالنا المحلية والخليجية لداس عليها حتى (يظهر) هو كنجم، أما الشخصية (هاملت) فتصبح جسرا لأنانية البطل.
هؤلاء لا يعلمون أن (العناية) بالشخصية الدرامية وتقمصها حسب أبعادها الثلاثة: الجسمية والاجتماعية والنفسية ضمن سياق النص الدرامي وأحداثه، هو أساس (الفن) و (الإبداع) و (التفوق)، لو فعل البطل ذلك بكل صدق، لأصبح بطلا حقيقيا ولصفق الجمهور له لأنه أظهر قدرات تمثيلية عالية في إظهار الشخصية الدرامية كما هي، وحيد شخصيته الحقيقة عن وعي فني بأنها هي الأولى.
كثير من الممثلين الشباب تراهم على الشاشة (هم هم) رغم تعدد المشاهد والمسلسلات التي شاركوا بها، والسبب أنهم لا (يغيرون) ملامحهم حسب الشخصية الدرامية (حتى يعرفهم الجمهور)، هذا وهو ممثل مبتدئ فما بالك لو صار بطلا، يا لثقافتنا الفنية!!!!
nlp1975@gmail.com