أصبح موقع التواصل الاجتماعي تويتر محل اهتمام ومتابعة وحديث وتداول بين كافة شرائح المجتمع، وتلك الأَهمِّيّة نابعة من أمر يعرفه القارئ الكريم أين كان مستواه المعرفي والثقافي، ولعل تسابق ما يسمون بطبقة النُّخب في المجتمع التي تضم بين أفرادها دعاة ومفكرين وأدباء وإعلاميين ومن لهم باعٌ طويلٌ في الفنّ وغيره عبر ميدان الموقع الاجتماعي الذي يحظى بمساحة حرية كبيرة يراها المغردون والمتوترون ولا يجدون حرجًا في طرح ما يدور في الخلد وما يعتنقه الفكر للفرد المغرد.
وقد كان لهذا الموقع الذي احتلَّ عناية الجميع وتبنَّته حتَّى الصُّحف الرسمية في نقل ما يمكن الاستفادة منه سواء في الفكر أو علاج مشكلة أو طرح معاناة ومعضلة، فربما أن «الهاشتاق» الواحد يفعل ما لا تفعله تقارير مصورة ذات دقة بالغة وحيادية تامة، ولكن المحزن في الواقع أن هناك ممَّن يحسبون على الطبقة النخبة المُثقَّفة من جعل تويتر ميدانًا للسّجال والتراشق وفرد العضلات البلاغية والعلميَّة المدعمة بالنص والحكمة وانساق وراءه خلقٌ كثيرٌ يرسخ أن هناك من يجسِّد ثقافة القطيع بين أوساط متابعيه ويعمل على تجييش عدد كبير لصفه يتبعونه تبعية عمياء لا يملكون قدرة على النقاش والحوار وإبداء الرَّأي حتَّى ظن أن حديثه لا يفترى، بل هو حق ما يقول ومن يخالفه لا يكاد يفقه قولاً ولا يملك لا سمعًا ولا بصرًا، فهو تابع متابع لذلك المتبوع فلا يرضى أن ينتقص من قول متبوعه شيئًا مما ولّد قناعة تامة أن أولئك النخبة مطالبون بغرس ثقافة الحوار والتناول وقبول الرَّأي الآخر وليس إقصاءه وتجاهله والتقليل منه، بل وصل بهم الأمر إلى التقاضي وإشغال الرَّأي العام فكلّنا يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب ذلك القبر عليه الصَّلاة والسَّلام، فهل نرى منكم تجاوبًا إن كنتم تسمعون؟ والله من وراء القصد.