حتى وإن تأخرت اجتماعات الائتلاف الوطني السوري أكثر مما كان مقرراً لها، فبدلاً من أن تُختتم في 25 يناير الشهر الحالي أنهى الائتلاف أعماله عشية اليوم الأخير من الشهر، فإن شفافية وصدق المناقشات يؤكدان أن مستقبل سوريا يسير نحو الأفضل؛ فالنقاش كان صريحاً ومباشراً ودون مجاملة، وانتهى إلى تحسين البنية الأساسية للمعارضة السورية بضم 43 عضواً جديداً للهيئة العامة للائتلاف، وكان الإجراء الأفضل هو تمثيل 29 ممثلاً للمقاتلين والحراك الثوري في الداخل؛ إذ اختير 15 من هيئة الأركان و14 ينتسبون إلى الحراك الثوري في الداخل، إضافة إلى عدد من الكتل السياسة المشاركة في الثورة السورية؛ لتصبح الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري 114 عضواً بعد إضافة الـ 43 الجدد.
تمثيل الجيش السوري الحر والحراك الثوري في الداخل - وهما عماد الثورة السورية - يعطي توازناً إلى حد ما بين ثوار الداخل الذين يخوضون المعارك على الساحة السورية و(شيوخ) المعارضة الذين ناضلوا منذ وقت ليس بالقصير، وإن كان خارج سوريا، إلا أنهم مثلوا الثورة السورية خارج القطر.
والآن بعد تحقيق بعض التوازن على الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري أن تعالج تبعات الخلافات السابقة، وإلغاء (الدكاكين) السياسية التي حاولت الأطراف الدولية والإقليمية اختراق القيادة الثورية للمعارضة السورية من خلالها، وعليهم أن يضعوا مصلحة الشعب السوري قبل أي اعتبار، متخطين التقوقع الحزبي والمصلحي..
وأمام الائتلاف استحقاقات مهمة، منها إعطاء رأي وموقف يخدم الثورة السورية دون انفعالات، وأن يكون رأياً منطقياً يأخذ في الاعتبارات المواقف الدولية والإقليمية دون أن يفضلها على المصلحة الوطنية؛ فالمشاركة في مؤتمر جنيف (2) أو عدم المشاركة يُفترض أن تستند إلى مبادئ الثورة والأسباب التي أدت إلى اندلاعها، وليس خدمة لمصالح القوى الدولية والإقليمية، مع الأخذ في الاعتبار أهمية تضخيم الوجود الثوري والوطني لممثلي الشعب السوري، وألا يؤدي اتخاذ موقف سلبي في مؤتمر جنيف إلى الوقوع في العزلة الدولية، وترك الساحة الدولية لنظام بشار الأسد وحلفائه، وهذا يتأتى من خلال صياغة موقف ثابت بالتنسيق مع أصدقاء الشعب السوري الحقيقيين، بما يؤكد المبادئ الأساسية للثورة السورية، ويفوت الفرصة على محاولات إطالة عُمْر نظام بشار الأسد.
jaser@al-jazirah.com.sa