|
سدني - خاص بـ(الجزيرة):
قال مفتي أستراليا الشيخ إبراهيم أبو محمد إن خدمة الحرمين الشريفين أكبر نعمة مَنّ الله بها على المملكة العربية السعودية ملكاً وحكومة وشعباً، وهذا شرف عظيم واصطفاء من الله سبحانه وتعالى أن جعل الكعبة في هذه البلاد، وجعل النبي من هذه البلاد، وجعل لغة هذه البلاد هي المحتوى لكتاب الله، هذا تشريف عظيم يقابله مسؤولية عظيمة أيضاً؛ لأن التشريف لا بد أن يقابله واجب؛ وبالتالي فإن ما تقوم به المملكة من خدمة الحرمين الشريفين ثم خدمة الإسلام والمسلمين ورعاية الدعاة في كل مكان في العالم أمر مقدر ومثمن، ليس لدينا فقط كمؤسسات إسلامية، وليس لدي أنا مفتي أستراليا فقط، وإنما أيضاً لدى كل المسلمين في كل بقاع الأرض، الجميع يشهد بهذا، والجميع يدعون الله أن يتم نعمته على المملكة، وأن يمتعها بالأمن والاستقرار، وأن يحفظها، وهذا من قبيل معرفة الفضل لأهله.
وأعرب مفتي أستراليا في حديث لـ»الجزيرة» عن ثقته ويقينه بأن المملكة العربية السعودية على عتبة مرحلة تاريخية عظيمة جداً تؤكد دور الإسلام باعتباره رحمة للعالمين في كل بقاع الأرض. وشدد الشيخ أبو إبراهيم محمد على دور المركز والهيئات الإسلامية في تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، وقال: لا شك أن تشويه الصورة الإسلامية تم بمساحة واسعة عقب الحادي عشر من سبتمبر، لكنه بدأ من قبل ذلك بكثير، والقرآن الكريم قد أعدنا نفسياً وعقلياً لهذا عندما قال: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا} (186) سورة آل عمران، وما العمل في مواجهة هذا الأذى الكثير؟ {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (186) سورة آل عمران. الصبر المتأني، الصبر الذي يستطيع أن يستوعب الأحداث، يستطيع أن يمتص الصدمات، ويؤدي لقدرة على الرد الجميل؛ لأن الصبر جميل أيضاً، والحمد لله أستطيع أن أقول إن الحالة الآن أفضل بكثير مما كانت عليه؛ لأن العقيدة هي الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه الإنسان عند الشدائد، و11 سبتمبر شكلت صدمة بالنسبة لكثير من الشباب الذين كانوا يعيشون في مجتمع المهجر، وكادت هوياتهم تضيع، فلما حدثت 11 سبتمبر بدأت مصانع الكذب توزع الاتهامات يمنة ويسرة، وتوزع التشوهات، وتستهدف الشباب المسلم الذي ليس له ذنب إلا أنه من خلفية إسلامية، وكانت النتيجة أن حجم الكذب الذي طرح خلال هذه الفترة كان كفيلاً بأن يعيد أبناءنا الشباب إلى العقيدة الإسلامية من جديد، إلى الفطرة الإسلامية بل إلى دينهم من جديد باعتباره المحضن الحامي ووسيلة الوقاية ضد موجات التعصـب والتربص التي كانت تحيط به.
وواصل مفتي أستراليا القول: الآن الحال أحسن بكثير مما سبق، والحمد لله، والمؤسسات على الساحة الإسلامية كلها ليس فقط دار الإفتاء وإنما مجلس الأئمة والعلماء في المساجد في المحاضرات والدروس واللقاءات في الحوارات استطاعوا أن يؤدوا دوراً رائعاً وجميلاً، وينقلوا كثيراً ممن كانوا في المربع المعادي على الأقل إلى مربع الحياد، وكثيراً ممن كانوا في مربع الحياد إلى مربع المساندة والمناصرة، وهذا في حد ذاته أمر رائع، ونعتبره إنجازاً كبيراً، ونحمد الله عليه. وعن مدى مواكبة الخطاب الإسلامي لمستجدات وتطورات العصر، قال فضيلته: إن الخطاب الإسلامي من منطلق قول الله تعالى {وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا} (63) سورة النساء. الخطاب الإسلامي لا بد أن يراعي حال المخاطَب، ودوافع المخاطَب، واهتمامات المخاطَب، وكيفية الوصول إليه بالمنطق والعقل والدليل من أقصر الطرق، وبأقوى الدليل. وهذا ما ناقشته مع وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ عند زيارتي للمملكة؛ إذ استفدنا منه كثيراً، وكان اللقاء مفيداً ومتميزاً.