|
الرياض- هيثم السيد:
سيكون هنالك طائرة شفافة تجعلك ترى الفضاء الخارجي بزاوية بانورامية 360 درجة، تماما كما لو كنت تحلق وحيدا في هذا الفضاء، هذه ليست جزئية فانتازية من فيلم خيال علمي ولكنها ما سيحدث غالباً خلال العقود القليلة المقبلة. علينا أن لا نستبعد أي احتمال، فالطائرات في حد ذاتها طفرة علمية نوعية في حياة البشرية، وهي تمتلك المقدرة على إيجاد قفزات إضافية في بنيتها وأسلوبها، ولا أدل من ذلك أن كثيراً من التقنيات المستخدمة حالياُ كانت في يوم ما مجرد صور متخيلة ومعنونة غالبة بأشياء من قبيل «طائرات الغد».
المفهوم الجديد لما نعرفه عن طائرة
الطائرة الجديدة حكاية مختلفة، أول فصولها أنه لا داعي إذن للتنافس من أجل الحصول على المقعد المفضل بجانب»الشباك» فهي ستكون بلا نوافذ أصلا، كما أنها ستعتمد على الطبيعة ومصنوعة من مواد تم إعادة تدويرها بالكامل ومواد أخرى من أنسجة النباتات، وستكون قادرة على توظيف حرارة أجساد المسافرين في تشغيل مختلف أشكال الترفيه والاتصالات.
وبحسب ما تخبرنا به شركة إيرباص العالمية التي قدمت رؤية لطائرتها المستقبلية، فإن علم ما يعرف بتكنولوجيا «الأعضاء الآلية» سيجعل منها أقرب شيء إلى الحركة التي تعمل بها عظام الطيور وهي تحلق في السماء، حيث سيكون هيكل الطائرة مشابها لجسد الطائر، وهو ما يساعده على توليد القوة اللازمة للطيران.
جدران ذكية ودرجات تفاعلية
وبجانب التغييرات في جسم الطائرة، ستتغير أيضاً درجات الطيران المختلفة، كالاقتصادية ودرجة رجال الأعمال والدرجة الأولى، وسيكون هناك مناطق في الطائرة بتصاميم متنوعة، مثل:المنطقة الحيوية» التي تتميز بالراحة، والإضاءة القمرية، والروائح المعطرة، وجلسات العلاج الجسدية،»ومنطقة التكنولوجيا» التي يستطيع الركاب من خلالها البقاء على اتصال مستمر بالإنترنت، ومنطقة التفاعل» التي تُمكن محبي الجولف من ممارسة رياضتهم أثناء الرحلة، ولن يتوقف الأمر هنا فالجدران الذكية لهذه الطائرة عبارة عن شاشة كمبيوتر هائلة تتيح التحكم بدرجة الحرارة أو التحول الى أسطح شفافة كالزجاج أو التمتع بألعاب الفيديو وغيرها.
رحلة الطائرة.. سياحة ما قبل الوصول
إذا كانت ملامح المستقبل قد تبدت أمامنا من خلال الصور التي نراها حاليا، فإن أمراً مهما لا يجب تجاوزه هو أن تصور الناس لما يريدونه في طائرة العصر القادم لعب دورا في تحديد هذا الشكل المتخيل، فاستطلاع الرأي العالمي الذي شمل 10 آلاف شخص أثبت أنهم يريدون أن تتحول رحلة الطائرة نفسها إلى عطلة في حد ذاتها، بمعنى أن تقدم لهم تجربة غنية تكون قادرة على الوصول إلى كافة التطورات التكنولوجية التي تملأ ساعات الرحلة.
الافتراضي والواقعي..أقرب نقطة التقاء
الطائرات لن تكون استثناءً من الواقع المستقبلي الذي تتكامل فيه التقنية الافتراضية مع الواقع الفعلي، كل الجزئيات والتفاصيل سيتم تصميمها لتمثل مشهدا تفاعليا أو وسيلة حركية قابلة دائما للاستخدام والاستفادة، ثمة مساحة من شاشات وأدوات اللمس الحساسة التي تتعرف على الركاب وتعرف بهم، بل وقد تتولى دور إرشادهم واختصار الكثير مما يقوم به ملاحو الطائرة ومضيفيها.
في طائرة الغد سيكون المسافر في حالة مستمرة من التواصل العالمي مستمتعا ببيئة بصرية ثلاثية الأبعاد يتم تكييفها وفقا لاحتياجات كل مستخدم، ستسمح التقنية للركاب -أثناء الرحلة- بالوصول إلى جميع معلومات الطيران، والمقصد والبيئة والمعالم والطقس وغير ذلك، أما المساحات الفيزيائية والمقاعد والطاولات فستأخذ طابعاُ مرناً قابلا للتحول إذا تطلب الأمر بحيث يستخدم لشيء من اجتماعات العمل أو المحاضرات أو لتناول وجبة خاصة أو لتصفح كتاب.
سوف تتحول المقاعد بحيث تناسب التكوين الجسماني لكل راكب، وتقدم مستويات مختلفة من الراحة ومساحة للجميع؛ ومن المهم معرفته أن تكنولوجيا الاتصال المتوفرة بوضوح تام لن تجعل سفرك يجعلك في معزل عن الآخرين كما جرت العادة، حيث سيكون بالإمكان اثناء الرحلة ممارسة العمل مع زملائك بل وحتى قراءة قصة ما قبل النوم للأطفال كما لو كانوا بالفعل جنبا إلى جنب؛ ثمة خيارات متنوعة تصب كلها في اتجاه توفير خيارات مرنة وشخصية لرحلة مثمرة وخالية من المتاعب.
حماية البيئة ..توفير الوقت والطاقة
عندما تداولت شركات الطيران الكبرى مصطلح «السماء الذكية» كناية عن الواقع المأمول لهذا المجال بحلول عام 2050 فإن الجميع اتفق على أن العالم مقبل على المزيد من الرحلات الجوية بالضرورة في وقت يحتاج فيه المزيد من حماية البيئة وتقليص الانبعاثات، وهنا تكون تجربة الطائرات الجديدة على المحك من حيث مواد تصنيعها واعتمادها على الطاقة النظيفة.
بالبحوث وقراءة الواقع، كانت الفرضية الأولى هي وجود « 30 مليون رحلة سنويا» وبناءً عليها تم التأكد أيضاً أن كل رحلة طيران في العالم قابلة لأن يتم تقصير زمنها بمعدل 13 دقيقة عن الزمن الفعلي، هذا من شأنه أن ينقذ ما يقرب من 9 ملايين طن من الوقود الزائد سنويا، وهو ما يعادل أكثر من 28 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يمكن تجنبه، ولا يتوقف الأمر هنا بل أنه سيوفر على الركاب أكثر من 500 مليون ساعة من زمن الرحلة الزائدة على متن طائرة.
إنها الأرقام التي سينتظر من طائرة المستقبل أن تحققها ليكون هذا نجاحاً نوعياً وتاريخيا، ولهذا فقد جاءت رسوم التصاميم مستمدة من مواد صديقة للبيئة ومعادة التدوير، وكان الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، أما من حيث الأداء فنحن نتحدث عن سرعة ودقة أكبر، وانبعاثات أقل.