لن أكون من «المطبلين» لهيئة سوق المال و ما تقوم به تحديدا بسوق السندات الإسلامية. فالتطبيل لن يعود بالنفع على اقتصادنا الوطني، وعليه فيجب تفضيل «المصلحة العامة» عند تقديم وجهة النظر حول منظومة إصدار الصكوك و المستثمر الأجنبي. وكما تم تقديم بعض المقترحات «الإصلاحية» لهيئة سوق المال في مجال أسواق المال الإسلامية وذلك في المقالات السابقة، فإن المرء ليتفاءل بطبعه مع التغييرات الحديثة في قيادات هيئة سوق المال. بادئ ذي بدء فقد أصبح من المعروف أن الأنموذج المتبع في تداولات الأسواق الثانوية الخاصة بالصكوك غير ذي جدوى. فإجمالي تداولات الصكوك المدرجة بالسعودية وصلت لأرقام مخجلة. فالحلول كثيرة لمعالجة ذلك ولكن الرغبة لم تكن موجودة على ما يبدو مع الإدارة السابقة.
من المتسبب؟
في السنة الماضية وصل عدد المصدرين للصكوك السعودية إلى تسعة، ثمانية إلى سبعة من هذه الإصدارات تعتبر «إصدارت خاصة» أو ما يعرف عند المصرفيين بـ (Private Placement ). هذه «الإصدارات الخاصة» ساهمت في قصم ظهر انعدام وجود التداولات الثانوية لهذه الإصدارات و ذلك عبر عدم إحجامها عن الإدراج في بورصة أو منصة تداول الصكوك لدى هيئة سوق المال. هل كان ذلك بسبب البنك السعودي (ذو الشراكة الأجنبية) الذي نصح عملائه بالتوجه نحو الإصدارات الخاصة أو بسبب أنظمة هيئة سوق المال التي تسهل وتبسط هذه الإصدارات الخاصة وتُعقد الإصدارات العامة التي يمكن إدراجها بمنصة تداولات الصكوك؟ أيا كان السبب فإنه لا يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني. والأمثلة على ذلك كثيرة . فعندما نرى إصدارات سعودية تفضل أن يتم إدراج صكوكها في لندن أو ماليزيا أو دبي. فهؤلاء المصدرين يرسلون رسالة مبطنة لهيئة سوق المال بأن أنظمتكم وتشريعاتكم غير مشجعة لحملة الصكوك الذين يبحثون سوق تداولات ذات عمق لكي يتم تحديد السعر العادل للصكوك. ولا ضير من أن نعزز ما ذكر أعلاه بالأرقام.
فقد أظهر رصد أجرته وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة ‹›الاقتصادية›› «أن مؤشر سوق الصكوك والسندات السعودية لم يحدث عليه سوى 96 جلسة، بقيم تداول قدرها 2.733 مليار ريال، موزعة على 197 صفقة...، وذلك خلال الفترة الممتدة منذ تاريخ 13 حزيران (يونيو) 2009 إلى 26 آذار (مارس) 2013، أي في نحو أربعة أعوام». هذا يعني وبكل بساطه أنه تم تسجيل ما معدله 24 جلسة تداول صكوك في كل سنة !!
لنحاول الآن شرح بعض المصطلحات مع تقديم بعض الخلفيات التي تعزز ما ذكر سابقا. يقصد بالإصدارات الخاصة تلك التي يقوم بها بنك استثماري وذلك عبر اختيار مستثمرين معينين من أجل الاستثمار بأوراق مالية معينة. وهذه الإصدارات لها تشريعات محددة من هيئة سوق المال. فضلا عن ذلك فإن تكلفة إصدار الإصدارات الخاصة تعتبر منخفضة وعملية الإصدار تكون أسرع. وكما رأينا فإن تلك التشريعات كان لها انعكاسات سلبية في ما يمكن وصفه باضمحال تداولات السوق الثانوية للصكوك بالسعودية. فهل ستجلب القيادة الحديثة لهيئة سوق المال الإصلاحات التشريعية التي طال انتظارها لمنصة الصكوك؟ لنأمل ذلك! وهل عندنا غير «التشبث ببصيص» الأمل ؟!
mkhnifer1@gmail.com
*مراقب ومدقق شرعي معتمد من (AAOIFI) ومتخصص في هيكلة الصكوك وخبير مالية إسلامية لمجموعة «ادكوم آكادمي» المصرفية في الولايات المتحدة الأمريكية.