الجزيرة - حبيب الشمري:

شكل الأمر الملكي الذي صدر أمس، وحولت بموجبه رئاسة الحرس الوطني إلى وزارة، تحولا تاريخيا في مسيرة هذه المؤسسة العسكرية الحضارية العملاقة التي أكملت هذا العام عامها الستين. وتكشف قراءة متفحصة لمسيرة هذه المؤسسة مدى التطوير الذي طالها، والتدرج المدروس الذي عاشته منذ تأسيسها عام 1374 هـ، بصدور أمر ملكي آنذاك بتشكيل الحرس الوطني الذي يضم ألوية المجاهدين، وبذلك أسست البذرة الأولى له. خلال ذات العام دشن أول فرع للحرس الوطني في مكة المكرمة تلاه إنشاء مدارس الحرس الوطني بعد عام واحد. ولأن الحرس الوطني مؤسسة حضارية إنسانية كان أول القرارات المهمة إنشاء أول مستوصف في الشميسي في الرياض، الذي تحول إلى منظومة صحية متطورة تمثلها حاليا الشؤون الصحية بالحرس الوطني التي تضم عدداً من المستشفيات والمستوصفات المتطورة. ومثل تعيين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيسا للحرس الوطني في العام 1382 تحولا في مسيرته، حيث نقله إلى آفاق أوسع من خلال التوسع في التدريب وفتح المدارس العسكرية، تلا ذلك تحويل فرع مكة المكرمة إلى وكالة في المنطقة الغربية. أسس الحرس الوطني عام 1384 إدارة للشؤون الدينية ساهمت -آنذاك ولا تزال- في نشر تعاليم الدين الإسلامي خاصة أن أغلب المنظمين في الفترات الأولى من غير المتعلمين نظراً لندرة المدارس النظامية، وهكذا أخذ الحرس الوطني بعدا متميزا، ليكون أحد حلقات التنمية المهمة، توج عام 1420 بجائزة اليونسكو للدور الريادي في مجال تعليم الكبار.

ركزت خطط الحرس الوطني منذ بداية تأسيسه على الإنسان، لذلك جاء الاهتمام بالمشاريع الإسكانية لمنسوبيه توجت بنحو ست مدن سكنية عملاقة، تضم آلاف الوحدات السكنية المدعومة بجميع الخدمات التحتية، بينما يجري حاليا إنشاء أكثر من 20 وحدة سكنية في عدة مناطق.

ولعل التطوير الإستراتيجي الذي حدث في الحرس الوطني كان العام 1394 عندما وقع الملك عبد الله (رئيس الحرس الوطني آنذاك) اتفاقية تطوير قوات الحرس الوطني، حيث مثلت الاتفاقية تحولا كبيرا تمثل في ابتعاث عدد من منسوبيه والاستعانة بالخبراء في هذا المجال. وفي العام 1403 افتتحت كلية الملك خالد العسكرية، وعين الأمير متعب بن عبدالله قائداً لها. في العام 1427 صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على إدخال الطيران العمودي ضمن تشكيلات الحرس الوطني، تلاه إنشاء قيادة الدفاع الجوي. في العام، ويمثل هذا القرار تحولاً إستراتيجيا في مسيرة الحرس الوطني، حيث سيكون دعامة قوية له في تأدية دوره الوطني في الدفاع عن أمن الوطن والمواطن مع بقية القطاعات العسكرية.

في العام 1430 صدر أمر ملكي بتعيين الأمير متعب بن عبدالله نائبا لرئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية بمرتبة وزير، تلاه في العام 1431 أمر ملكي بتعيينه وزيراً للدولة وعضواً في مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني، قبل أن تتوج المسيرة بتحويل الرئاسة إلى وزراة سيادية عملاقة ينتظرها دور كبير في إكمال المسيرة التي رسمها الملك عبدالله بن عبدالعزيز.