قبل أيام تحدث مصدر مسؤول في (نزاهة) عن قضايا فساد تم اكتشافها في إدارة تعليم الزلفي، لها علاقة بتنفيذ بعض الأعمال والمشاريع بطريقة غير نظامية، واستغلال بعض الموظفين لنفوذهم الوظيفي من أجل مصالح شخصية. ثم نشرت الصحف بعدها بيومين قضية استغلال وظيفي في إدارة تعليم حائل، ترتب عليه ابتزاز مشرف تربوي للجنة التوظيف بالإدارة، كي يتم تعيين ابنه خلال يومين فقط، وإلا فإنه سيرفع جميع الوثائق التي تدين أعضاء اللجنة بتعيين أقاربهم، مما اضطر هؤلاء إلى الخضوع لهذه المساومة، بينما مئات الآلاف من الخريجين منذ عشرات السنوات، ينتظرون أحلامهم الموؤدة في نظام (جدارة) العظيم!
صحيح أن الفساد الإداري والمالي موجود في كثير من الجهات، لكن المأساة تكبر حينما يكون تأثير ذلك مباشراً على عدالة التوظيف بين المواطنين. ففي القضية الأولى، جاء التصريح رسمياً من هيئة مكافحة الفساد، بمعنى أنه ثبت التلاعب في تعليم الزلفي، في قضايا استغلال النفوذ الوظيفي، وتبديد المال العام، وتوازع الأعمال والإضرار بالمصلحة العامة. بينما لم يزل الأمر إعلامياً في قضية تعليم حائل، بينما المفروض أن يوكل الأمر إلى (نزاهة) مباشرة، بعيداً عن وسائل الإعلام!.
هذه القضية التي كان بطلها مشرفاً تربوياً - للأسف - مضى عليها سنة ونصف السنة تقريباً، بمعنى أن ابنه يعمل منذ ذلك التاريخ، بينما هناك غيره من (النائمين) في سلم جدارة ينتظرون بعد أن مضى على تخرجهم سنوات طويلة، وربما هناك قضايا أخرى مشابهة في إدارات أخرى، أبطالها مجهولون، فلم تزل تأثيرات (نزاهة) محدودة، رغم ما كشفته لنا من قضايا فساد مقلقة!.
نعم تطورنا كثيراً، وتم حل بعض مشكلات التوظيف إلى حد ما، لكن المحسوبية لم تزل تهيمن على قطاعات التوظيف، خاصة مع أنظمة العمل غير المركزي، وهي أنظمة رائعة في ظل عمل نزيه وأمين، لأنها تزيح وجه البيروقراطية الكريه، وأعني استقلال إدارات التعليم المنتشرة في المملكة، وإشرافها المباشر على المكاتب التابعة لها، لكنها بالضرورة تحتاج إلى وسائل رقابة دقيقة، وزيارات تفتيش منتظمة من قبل الوزارة، لأنها في النهاية هي المسؤول الأخير عما يحدث في قطاع التعليم وإداراته المختلفة.
ولابد أن تكون لجان المراقبة المالية والإدارية مرتبطة مباشرة بالوزير نفسه، كي ترفع تقريرها له عن زياراتها التفتيشية المفاجئة تلك، ويستطيع أن يتخذ القرارات الحازمة بهذا الشأن، فمن يمنح السلطة لهؤلاء، لابد أن يحمِّلهم المسؤولية عن كل ما يحدث في إداراتهم!.
فمن الصعب مراقبة الجميع، على كل المستويات، التوظيف، التعليم، الإنشاءات، خاصة في وزارة تقتطع رقماً صعباً من موازنة الدولة، وتتكفل بتوظيف ما يقارب ربع خريجي الجامعات وخريجاتها، ولكن التنظيم، والعمل المخلص، تستطيع أن تفعل الكثير، وتقود سفينة التعليم إلى بر النزاهة والشفافية!.