تعتمد الكثير من الجهات الحكومية في عملها على مؤسسات وشركات استشارات ودراسات في التطوير وإيجاد الحلول للقضايا او الإشكاليات التي تواجه عملها ومن حيث المبدأ يعد توجهاً إيجابياً إذ لا يمكن أن تستقطب أي جهة كل الخبرات التي تحتاجها فتصبح الاستعانة ببيوت الخبرة منطقية، إلا أن تقييم مردود هذه العقود والتي بعضها بأرقام كبيرة جداً بحسب طبيعة العمل المطلوب تفرض سؤالاً جوهرياً من يقيم أداء هذه المنشآت الاستشارية وكيف يتم تصنيفها وإن كانت تصنف حالياً فما هي هذه الأسس التي تصنف على أساسها، وهل تخضع للتغيير بين فترة وأخرى.
والأهم يبقى من يقيم العمل الذي قدمته للجهة الرسمية التي تعاقدت معها وانعكاساته على طبيعة العمل الذي انجزته، وهل تتحمل مسئولية أي نتائج سلبية قد تحدث مستقبلاً وفق ما قدمته من حلول او اقتراحات او خطط للجهة الحكومية المعنية.
كما أن المشكلة قد تبدو أكبر إذا كانت هذه الشركة الاستشارية أجنبية، إذ لا يمكن ضمان مدى فهمها العميق لطبيعة العمل المطلوب وآثاره المستقبلية، ولا يمكن ضمان إيقاع عقوبة مناسبة عليها بحجم خطئها المحتمل. إلا أن الأهم يبقى هو بتقييم الأداء ومدى الالتزام بتطبيق ما قدمته من عمل وهل الإدارة التابعة لأي جهة رسمية والمشرفة على تنفيذ المقترحات على قدر من الكفاءة والإمكانيات لتنفيذ ومراقبة وتقييم كل الخطوات المطلوبة والمنفذة، كما أن تقدير الاحتياج لهذه الشركات من قبل الجهات الرسمية من يقوم عليه وكيف يمكن التأكد أن هذه الجهة او تلك بحاجة لهذه الاستشارات والدراسات، ولماذا لم تبن جهازاً او إدارة قادرة على إنجاز الكثير من هذه الأعمال وفق سقف معين وأن تبقى الحاجة للاستعانة بالخبرات الخاصة بحدود معينة تتسم بالأعمال الضخمة، وتكون وفق ضوابط رقابية تحدد الحاجة وتضع شروطاً تتحمل معها هذه الشركات مسئولية أعمالها وما يترتب عليها من عقوبات والتزامات.
ومن الأولى أن يكون البحث أولاً عن إمكانية الجامعات الحكومية بلعب هذا الدور الاستشاري لما له من فوائد كبيرة على تطوير دور الجامعات والاستفادة من خبرة الأساتذة فيها وكذلك الانعكاس الإيجابي على الطلبة لما قد يساعدون به في هذه الأعمال وتطوير مداركهم وخبراتهم ومعرفتهم بواقع المجتمع السعودي واحتياجاته وقضاياه المهمة مع دعم دور بيوت الخبرة الوطنية تحديداً.
إن دور بيوت الاستشارات مهم جداً لكنه مع توسع الاقتصاد الوطني واحتياجاته وما تواجهه الجهات الحكومية من التزامات وضرورة تطوير أدائها بالتأكيد انعكس على ارتفاع حجم الطلب للاستشارات والدراسات مما يتطلب ضرورة إعادة النظر بواقعها وتقييمها وتصنيفها وكذلك النظر بالإدارات الرسمية التابعة لأي جهة والمنوط بها أعمال التطوير والتخطيط لدعمها وتوسيع حجمها واستقطاب الكفاءات لها لتحقيق عدة أهداف كرفع مستوى دورها بالجهات التي تتبع لها وكذلك قدرتها على تقدير وتقييم ما تحتاجه فعلياً من بيوت الخبرة الخاصة.