الكتابة في أدب الرحلات أمرٌ ممتعٌ للغاية للكاتب والقارئ على حدِّ سواء، ومتى ما أجاد الكاتب في النقل والتصوير البانورامي لكافة المشاهدات مع نقل انطباعات منصفة لما يراه، فإنّه سيجد إقبالاً كبيرًا من القرّاء.
وفي رحلاتي أفكر كثيرًا بطرق هذا الباب أو كما ينصحني المقرَّبون مني بتأليف كتاب عن مشاهدتي، لم ترق لي فكرة الكتاب كثيرًا على الأقل في الوقت الحاضر، إلا أن فكرة كتابة سلسلة من المقالات تُعدُّ جيّدة، خصوصًا عندما أرى التركيز السياحي “الخليجي” على دول معينة، وترك مدن أكثر جمالاً.
ولو اتجهنا إلى العالم العربي نجد أن السياحة العائلية الخليجيَّة تتجه في الغالب إلى كل من: لبنان، وسوريا، ومصر، والإمارات، فنجد أن الدول الثلاث الأولى كلّّها تعاني من أحداث سياسيَّة متشعبّة، إِذْ إن السَّفَر إلى لبنان ومصر في الوقت الحالي قد يترتَّب عليه بعض المخاطر، فيما أن سوريا التي تشهد حربًا عنيفة فلا مجالَ للسفر إليها!
وهنا سؤال يطرح نفسه: ما البديل؟
من وجهة نظري، هناك بدائل تستحق التمعن فإنَّ كان خليجيًّا فهناك الدَّوْلة الوادعة في أقصى الجنوب الشرقي “عُمان” حيث يتحدث الكثيرون عن جمال طبيعتها الآخاذ وبهاء شواطئها، إلا أنني في الحقِّيقة لم أتشرف بزيارتها حتَّى اليوم، وربما ككثير غيري لم نجد من قوة المغريات والدَّعم السياحيِّ المغريِّ لشد الرحال للحبيبة عمان، ولعلّ المسؤولية هنا تقع على مسؤولي السياحة في الشقيقة لجذب السياح الخليجيين، خصوصًا وأن الصورة في عُمان كما أتخيلها كأكثر البلدان الخليجيَّة تمسّكًا بتراثها حتَّى الآن، وامتلاكًَا لطبيعة غنّاء تتميز بها إلى جانب المناطق الجنوبيَّة في وطننا الحبيب عن بقية الدول الخليجيَّة.
وفي الجانب العربي أجد أن البديل الأفضل هو “الأردن” إن كان لديها النيّة الجادة في صناعة سياحة عائلية خليجيَّة، تحقَّق كافة أهداف الأسرة ومتطلباتها، وقد واتتني الفرصة لزيارة هذه الدَّوْلة عدَّة مرَّات خلال سنوات سابقة آخرها كان قبل عدَّة أشهر، ووجدت فيها ما لم أجده في غيرها من أماكن مناسبة للعائلة الخليجيَّة، هذا عدا المواقع السياحيَّة التاريخية المميّزة على المستوى العالمي، أول هذه المواقع هو “البحر الميِّت” الذي لو تَمَّ استثماره بطريقة صحيحة لأصبح من أفضل وأقوى الأماكن السياحيَّة، فمنطقة البحر الميِّت فيها عددٌ ليس بكثير من الفنادق الفخمة، مع أنَّها منطقة جميلة للسائح العادي، وكذلك للراغبين في السياحة العلاجية والاسترخاء، مع ذلك فلا زالت منطقة تُعتبر “ميتة” فالحياة فيها داخل المنتجعات فقط، بينما لا يوجد في شوارعها أيّ مظاهر حياتية! فما الذي يمنع أن تكون مثل شرم الشيخ، تلك المدينة الساحرة التي جذبت العالم كلّّه سياحيًا؟ لماذا لا تقوم حكومة الأردن بجذب المستثمرين الخليجيين وتقديم كافة التسهيلات لهم لبناء هذه المنطقة التي هي بقعة مهمة في هذا العالم؟ لماذا لا يكون هناك تسويقٌ سياحيٌّ قادرٌ على جذب النَّاس غير الإعلانات السَّريعة التي تظهر على استحياء على بعض شاشات القنوات الفضائية؟
الصناعة السياحيَّة، علمٌ وفنُ إدارة وتهيئة لأماكن سياحيَّة تتميز بأسعار معقولة لتَضمَّن التسويق الجيّد، وعندما تطرَّقت هنا لبلدين يعدّان مثالين نموذجيين على توفر الأرضيَّة الجيِّدة للصناعة السياحيَّة العربيَّة، إلا أن الكثير من المقوِّمات تُعدُّ غائبة، وذلك لأن كثيرًا من الدول العربيَّة لازالت لا تضع السياحة على محمل الجد، ولهذا لازالت المكتبة العربيَّة تفتقر لأدب الرحلات المعاصر!
www.salmogren.net