في عام 1393هـ ويقابلها عام 1973م انحسرت أعداد الطالبات الدارسات في المرحلة المتوسطة في بعض مدن منطقة القصيم إلى ما يتجاوز النصف من الحاصلات على الابتدائية! وكان سبب الانحسار هو قناعة أولياء الأمور بالاكتفاء بالمرحلة وأن المتوسطة حرام. هكذا!! بل إن بعض القرى لم يتم فيها افتتاح مرحلة متوسطة ألبتة!! ومن نالت الشهادة الابتدائية آنذاك تكون قد أنهت تعليمها تماما! ولا زالت بعض السيدات من إفراز تلك الحقبة التاريخية لا تحمل إلا هذه الشهادة البائسة وهن غالبا ممن تجاوزن الخمسين من عمرهن.
لم يطل ليل الجهل كثيرا، حيث تلاشت فكرة الحرام وتحولت لحالة من الحرج فحسب، ثم ما لبثت بالاندثار حينما تساوت أعداد المتخرجات من الابتدائية مع طالبات الأول متوسط، وزالت تلك الفكرة تماما وصولا إلى المرحلة الجامعية إلا فئة قليلة من الفتيات فضلن الانخراط في سلك التدريس من خريجات الثانوية العامة ومعهد المعلمات. بل أصبح بقية باقية من تلك السحنات الطيبة يطالبون بفتح كليات متخصصة لبناتهم بدلا من السفر اليومي أو الاغتراب بالإقامة في المدن الرئيسية.
وما أشبه الليلة بالبارحة ونحن نرى ما يقارب من ثلاثين جامعة في أنحاء المملكة تزخر بالطلبة والطالبات في شتى التخصصات العلمية والأدبية والمهنية، بل إن هناك أعدادا كبيرة من الفتيات مبتعثات لأرقى الجامعات تعليميا في بلدان العالم.
ما جعلني أكتب عن ذلك التاريخ العابق بالجهل هو ما تعرضت له الطفلة الباكستانية ملالا يوسف في أكتوبر الماضي من هجوم سافر من لدن حركة طالبان الغارقة بالعنف والجهالة والتطرف الأعمى أدى إلى تحطم جمجمتها بعد إطلاق النار الذي استهدفها وهي تستقل حافلة المدرسة في باكستان، وبعدها تكفلت حكومة الإمارات العربية المتحدة بعلاجها ونقلها بطائرة خاصة من مطار إسلام أباد إلى العاصمة البريطانية وخضعت لعملية جراحية معقدة لترميم الجمجمة!
وحاليا تقيم مع أسرتها في بريطانيا بعد أن استعادت حياتها بفضل من الله ثم عزمها وإصرارها، وقد استأنفت دراستها في ثانوية Edgbaston للبنات في بيرمينغهام. وتتكفل الحكومة الباكستانية بنفقات الدراسة التي تبلغ عشرة آلاف جنيه إسترليني سنوياً. وتتمنى ملالا يوسف دراسة الحقوق المدنية والسياسية لتساند حق تعليم الفتيات في بلادها متطلعة أن تتاح فرص التعليم لكل الفتيات حول العالم. وقد تم تكريمها مؤخرا من لدن منظمة اليونسكو لمواقفها البطولية.
ما حصل للطفلة ملالا يوسف متوقع في بلد يعج بالجهل وينظر للمرأة بدونية، فما بالك حينما تطالب وترفع صوتها لرفع الظلم عن المرأة وتصر على تعليمها حتى لو تهشمت جمجمتها و.. تحطم قلبها!
ترى كم هشّمت أفكار وتطلعات ورؤى وأحلام فتيات وسيدات وبقيت جماجمهن سليمة ؟!
إلى الأمام ـ حبيبتي ـ ملالا، يصفق لك قلبي، وخطاك الشر إلى غيرك من الظلاميين في كل مكاااان!!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny