إن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، لقد رحل عنَّا شيخ البرِّ وشيخ الإحسان وشيخ الأيتام والمسنين والمعاقين والمحتاجين والمكروبين، شيخنا ووالدنا وقدوتنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حمد الموسى -غفر الله له ورحمه وأدخله الجنَّة بلا حساب ولا عذاب-.
لقد عرفته عن قُرْبٍ والله على ما أقول شهيد رجل أعمال يتميز بالأمانة والصِّدق وحبِّ الخير، قليل الكلام متواضع مع الغنى، يحبّ الفقراء والمساكين ويستمتع بخدمتهم وعونهم ومساعدتهم، لا أعرف شفاعة من أحد تقدم بها إليه وردّها إلا وقد قضى حاجتهم!
ذكر لي من أثق به قصة يقول فيها: (جمعت رصيد العمر مبلغًا من المال، لعله استثمار تقاعد لي في المستقبل، فذهبت إلى مكتبه وسلَّمته المبلغ وخرجت؛ وعند المنام راودتني أسئلة يجب أن أعرف أين موقع الاستثمار؟ وفي الصباح طلبت منه أن يرسل معي أحدًا يرشدني إلى موقع الاستثمار، فأرسل المساح في مكتبه ليرشدني، وإذا بالموقع شمال العليا بين جبال وصعبٌ الوصول إليه وفي طريق العودة تردَّدت وقلت: ضاعت فرصة استثماري، فشعر المساح بتردّدي وكنت أفكر بكيفية استرجاع أموالي، وبعد يومين رجعت للمكتب وهو يعرف أنني سوف أطلب أموالي، فقال لي: هل تبيع مساهمتك بزيادة خمسين بالمئة؟! فقلت: فديت الأمانة والصِّدق وحب الخير، ولن أفكر بأخذ مالي؛ لأنّه بين يدي التاجر الأمين، الذي يحرص على حقوق النَّاس أكثر من حرصه على حقّه ويحبّ الخير لهم).
أين نحن من مثل هذه النماذج الآن؟!
عندما يحتاج المساهم ولم تصف المساهمة يثمنها ويعطيه مبلغه لكي يقضي حاجته!
عندما يحتاج المواطن أرضًا ولم يكتمل المبلغ يأخذ ما معه على أن يسدِّده ويفرغ له!
ولم أذكر أنّه أخذ أحدًا للقضاء!
هناك الكثير والكثير من المعاملات مع التجار التي كان -رحمه الله- فيها قدوة لرجال الأعمال.
كان -رحمه الله- يحبّ العمل، تجده يتحرَّك في النزهات، تجده دائمًا في الخدمة، حيث يتَّصف بالزهد والتَّواضُع والصَّبر والحُلم ودائمًا قلبُه كبيرٌ مع الكلِّ الكبير والصَّغير، الغني والفقير، ولم يكترث بمعطيات العصر، ثابتًا على مبادئه، فخورًا بمعتقده، حريصًا على دينه، استفادت منه المؤسسات الخيريَّة والجمعيات الخيريَّة والصناديق الخيريَّة بالمستشفيات وبنى أوقافًا خيريَّة مع أخيه ورفيق دربه -أطال الله بعمره ووفَّقه الله في عمله- الشيخ سعد بن عبد الله بن حمد الموسى، وكأن علاقتهما كما قيل: (يمضي أخوك فلا تُلقِّي له خلفًا والمال بعد ذهاب المال يُكتسب).
نسأل المولى أن يغسله بالماء والثلج والبرد وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة ويجعل منزلته الفردوس الأعلى. وأن تكون هناك أجيالٌ تحذو حذوه وأن يصبّر أبناءه وبناته وزوجاته وأحفاده وذويه وعائلة الموسى جميعًا فإنّهم خير خلف لخير سلف، إنّه فقيد مجتمع وليس فقيد أسرة، فله منَّا جميعًا الدُّعاء ومن الله جزيل المثوبة.
- المدير التنفيذي المناوب - مدينة الملك عبد العزيز الطّبية
البريد الإلكتروني: moneef_eod@yahoo.com - تويتر: Salmoneef@