في الأسبوع الماضي دخلت أحد محلات المستلزمات النسائية في أحد المراكز الكبرى بالرياض، وأعجبني توزيع الفتيات السعوديات في أركان المحل، ومحاولتهن كسب المتسوّقات بأسلوبهن الأدبي المميّز، وإنْ كانت خبرتهن في معاملات البيع والشراء مازالت في بداياتها، إلاّ أنّ التعامل معهن يعطي المتسوّقة الراحة النفسية، ويرفع عنها الحرج السابق الذي كانت تتعرّض له في تعاملها مع البائعين الرجال سابقاً، خاصة عند البحث عن مقاسها المناسب لقطعة ما! وبالرغم من أنّ قضية بيع النساء في المحلات النسائية مازالت مطروحة للتغيير والتعديل ما بين وزارة العمل وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبناءً عليه تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجهتين تضمن حقوقهن في تأمين المكان المناسب ومحاسبة من يتعرّض لهن بالابتزاز أو المضايقات ، وبما يحقق خصوصيتهن كبائعات يقضين ساعات طويلة في هذه المحلات، ومن حقهن الراحة النفسية والجسدية خلال ساعات العمل، خاصة أنّ مهنتهن حساسة في مجتمع لا يرحم وضع المرأة المحتاجة للعمل الميداني لظروفها المادية الصعبة! لأنهن واجهن الكثير من الإشاعات الأخلاقية، والمواقف السلوكية السيئة، والانتقادات العامة التي أساءت لسمعتهن، وذلك بسبب عدم تهيئة المحلات تلك التهيئة المناسبة لممارسة عملهن بدون التعرُّض للتحرُّشات التي بلاشك حدثت وستحدث لعدم وجود العقوبات الرادعة لها، ولعدم احترام الكثير من شبابنا للأسف الشديد للمرأة في الأماكن العامة، وخاصة مراكز التسوّق التي مُنعوا من دخولها لسنوات طويلة، وعندما تم السماح لهم صدرت منهم سلوكيات غير مقبولة اجتماعياً، ولكنها هدأت ولله الحمد بعد تطبيق العقوبات من قِبل الأجهزة الأمنية، وذلك بحق من لا يحترم النظام العام. والضجّة التي حدثت اعتراضاً بسبب تشغيل النساء في هذه المحلات غريبة في بلدنا المحافظ على مكانة المرأة، ولكنه في الوقت نفسه كان لا يمانع ولا يستنكر وجود رجل أجنبي يبيع على النساء مستلزماتهن الخاصة من ملابسهن، ويظل يتمايع بلهجته المعروفة عند سؤاله لهن عن مقاساتهن وترديده لعبارة “ مآسك يا مدام “، محاولة منه لإقناع المتسوّقات بشراء بضاعته المعروضة بتفاصيلها أمام المتسوّقين! لذلك فإنّ الهجمة الشرسة التي تعرّضت لها النساء اللاتي من سوء حظهن دخلن في هذه المهنة ذات التحديات الكثيرة، كانت بسبب وزارة العمل التي لم تهتم بتهيئة السوق المحلي لهذه المشاركة الاقتصادية النوية، بل بدأتها مجازفة لم يدفع ثمنها سواهن! ومازلن يعانين من عدم التخطيط ورفض الجمهور العام لتواجدهن في محلات أبوابها مفتوحة للمارّة! لكنهم لم ينتبهوا لالتزامهن بالحجاب الساتر لهن “ العباءة والنقاب “ طوال ساعات العمل! بالرغم من أنّ هؤلاء العامة من المتسوّقين لم يرفضوا سابقاً دخول النساء المتسوّقات في تلك المحلات ومزاحمتهن للباعة الرجال!
فالكثير اعترض على عمل النساء المحتاجات للعمل لظروفهن الأسرية الصعبة، بحجة الحجاب الشرعي وعدم مخالطة الرجال، لكن التساؤل الذي يحتاج لإجابة مقنعة “ ما هي الحجّة الآن لتلك الحرب المستمرة لهن بالرغم من التزامهن منذ البداية بالحجاب طوال ساعات العمل، ولقد رأيتُ ذلك بنفسي في كذا مركز، وبدون اختلاط مع الباعة الآخرين، إلى جانب دورهن في تحقيق خصوصية تسوّق النساء في هذه المحلات بالذات”؟!
moudyahrani@ تويتر