من يرى بناتنا المواطنات في محلات المستلزمات النسائية وأدوات التجميل يشعر ببزوغ فجر جديد من جيل متطلع نحو العمل بعيداً عن الوصاية والقمع وترديد عبارة (الثبر والقبر).
دخلت محلاً كبيراً مشهوراً ببيع أدوات التجميل وسرني وجود فتيات متحمسات للعمل، كما ساءني رؤية رجال من جنسية عربية مشهورة بإدارة وتسويق هذا النوع من البضاعة. وبحس صحفي تدفعه مشاعر وطنية واعتراف كامل بانحياز نحو كرامة المرأة؛ توجهت لإحدى البائعات وعرّفتها باسمي وباركت لها بالوظيفة وسألتها عن ماهية عملها ومدى ارتياحها في مكان العمل، ومناسبته لطبيعتها ومقدار الدخل وملاءمته للجهد المبذول.
تحدثت الفتاة بسعادة عن انخراطها في العمل إثر انتظار طويل في المنزل، وترقب حافز وخوفها من توقف صرفه، وأكدت ملاءمة بيع هذا النوع من البضاعة لطبيعتها الأنثوية ومعرفتها أذواق الفتيات والسيدات، وسهولة تبادل الأحاديث مع الزبونة وفوزها بثقتها نتيجة لخبرتها. ولكنها اشتكت من طول فترة الدوام حيث يبدأ عند العاشرة صباحا وحتى بعد العاشرة ليلاً يتخلله أوقات راحة وصلاة إلا أنها لا تعد كافية.
سألتها عن مدى ارتياحها في العمل بوجود رجال بائعين في نفس المحل، أبدت انزعاجها منهم، ولكنها لم تشكُ من مضايقتهم، وأشارت إلى أن لهم مكاناً مخصصاً، والمحل مفتوح للزبائن وأمام المراقب.
دعوت لها بالتوفيق وشددت من أزرها بالاستمرار بالعمل مع بذل الجهد حتى تتمكن من إدارة المحل بنفسها وبمساعدة كوكبة من الفتيات بعد التخلص من الوافدين تماما حيث وجودهم يعد مزعجا ومشوها.
وعند زاوية المحاسبة كانت بجانبي إحدى السيدات من المتسوقات فسألتها عن مشاعرها وهي تشتري من سيدة مقارنة برجل، فأبدت سرورها لذلك وأضافت: بدأنا نسأل ونستوضح ولا نأخذ المنتج إلا بعد اقتناع تام، ويندر أن أعيد أي سلعة بعد شرائي لها على عكس السابق حيث يحرجني البائع بشرائها فلا أستطيع له جدالاً وأخجل وأنقد له الثمن وأغادر، وما ألبث أن أعيدها، حيث لم تحز على إعجابي ولم توافق رغبتي.
خرجت من المحل وفي مخيلتي وزير العمل السابق الدكتور غازي القصيبي فدعوت له بالرحمة حيث هو عراب الفكرة وسيدها، إلا أن المجتمع إذ ذاك قاومها وأجهضها، وتابعها الوزير المتحمس لها وزير العمل الحالي المهندس عادل فقيه الذي أصر على إمضاء القرار مدعوماً بقرار ملكي سيادي حكيم في عهد الإصرار والتحدي.
وأنا إذ أرى بنات بلدي يعملن بجهد وثقة وكرامة وشجاعة؛ لأدعو الله لهن بالتوفيق ولبلدي بالريادة، وأرجو لوزير العمل مزيداً من سعة الصدر والصمود وهو يواجه براكين غضب تجار مؤججة بنيران أشخاص مندفعين للغيرة على المرأة الكريمة، ومتقهقرين عن الرأفة بالمرأة المحتاجة.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny