فقدناك فقدان الربيع وليتنا
فديناك من فتياننا بألوف
تجمعنا الأيام برجال عظماء كل يوم نعيشه معهم نستزيد منهم علماً أو عملاً، إذ لا يكون المرء ذا رفعة وسمو إلا إن أتبع العلم بالعمل.
أبو أحمد الدكتور صالح بن حمد الفراج -رحمه الله- عرفته واحداً من هؤلاء الرجال الأفذاذ، عرفته معتزاً بمبادئه السامية عاملاً بها داعياً إليها. عرفته -رحمه الله- أول ما عرفته مربياً فاضلاً حينما درسني وجمعا من مدربي الكلية في مرحلة البكالوريوس في مقرر اللغة العربية عام 1415هـ، فوجدته سمحاً مع طلابه يشعرهم بالمحبة والنصح والحرص على نفعهم، ويتسامح معهم فيما يملكه من درجة أو تحضير فيمن يوجد منه الحرص، ويربي برفق من يجد منه التساهل فكان -رحمه الله- قدوة لطلابه في الحرص والحضور والاجتهاد متواضعاً طلق الوجه.
ثم عرفت أبا أحمد -رحمه الله- حينما انطلقنا سوياً في مشوار الخدمات الإرشادية في الكلية التقنية بالرياض عام 1424هـ فوجدته يبذل كل ما يملك في سبيل تأسيس هذه الوحدة، وكله رحمة وشفقة بمتدربي الكلية، وكان كثيراً ما يردد: إن هؤلاء المتدربين أبناؤنا ويحتاجون لرعايتنا ومساعدتنا، وسيتعلقون برقابنا يوم القيامة إن لم ننصح لهم ونجتهد في جلب الخير لهم ودفع الشر عنهم، وما نعمله معهم سنراه في أبنائنا.
فأبشر يا أبا أحمد برحمة من الله ورضوان ولا نزكيك على الله فقد قال -صلى الله عليه وسلم (الراحمون يرحمهم الرحمن).
تجده -رحمه الله- يجلس مع كل متدرب يقصده لحل مشكلة قد تكون خاصة؟ بل يساعده من حسابه الخاص وفي الغالب لا يخرج المتدرب من عنده إلا وقد جبر كسره، فجبرك الله يا أبا أحمد ووسع عليك فالجزاء من جنس العمل.
عرفته -رحمه الله- رئيسا في العمل يقدر ويحترم كل من يجتهد في عمله، ويلتمس لهم العذر عند خطأهم ويدعمهم، لا يغضب إلا لصالح العمل صبوراً طويل النفس في سبيل تحقيق راحة المتدربين، تجالسه فتشعر أنك تجالس أخاك الكبير أو والدك المحب المشفق طيب المعشر كريم الطباع، يعطي من يعمل معه الثقة يحاسبه ويعاتبه بلطف وحب فاستحق المدح حياً والرثاء ميتاً:
لئن حسنت فيك المراثي وذكرها
لقد حسنت من قبل فيك المدائح
لأبكيك ما فاضت دموعي فإن ضنت
فحسبك عني ما تكن الجوارح
لقد فقدناك والله أبا أحمد بتقاعدك، وفجعنا والله بموتك وإن موتك والله لجرح غائر لا يشعر به إلا من عمل معك وخالطك عن قرب فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا نجد شيئا يجبرنا إلا أن رحمة الله قريب من المحسنين ونحسبك والله حسيبك منهم { إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} (56) سورة الأعراف.
فأسأل الله أن يجمعنا بك في مستقر رحمته، وأن يوسع عليك في قبرك ويغفر لك ما قدمت وأخرت، ويجزيك خير الجزاء على ما قدمت وبذلت اللهم آمين.
عصام بن سعد العجلان - الكلية التقنية