|
الجزيرة - ندى الربيعة:
نفت أمانة مكة المكرمة وجود ما يسمى «الحجاج المتاجرون» ممن يفترشون الأراضي والطرقات ويمارسون عملية البيع والشراء، في الوقت الذي أقر اقتصاديون وجود الظاهرة لكن بأساليب وآليات جديدة، وقال المشرف العام على البلديات الفرعيه بمكة المكرمة المهندس سعود الهزاني: إن ظاهرة الافتراش بغرض المتاجرة تلاشت تماماً منذ عدة سنوات وأن الأمانة لا تألو جهداً في القضاء على هذه الظاهرة بمشاركة الجهات الأمنية الأخرى. مبيناً أن اللجنة الميدانية لمكافحة الظواهر السلبية مكونة من الأمانة وعدة جهات حكومية وأمنية ترأسها الإمارة تقوم بحملات مستمرة بالمنطقة المركزية حول الحرم الشريف والطرق المؤدية إليه للقضاء على كثير من الظواهر السلبية ومنها الباعة المتجولين والمتسولين.
وأضاف: أن الأمانة أعدت في خطتها لموسم حج هذا العام مكافحة الباعة المتجولين ومنعهم من مضايقة الحجاج في الطرقات أثناء توجههم من وإلى الحرم الشريف والمشاعر المقدسة وقامت بتعيين مايزيد عن (2000) مراقب مؤقت لمساندة البلديات الفرعية إضافة لمراقبي البلديات العاملين بصفة دائمة طوال العام للقضاء على هذه الظاهرة السلبية والتنسيق في ذلك مع الجهات الأمنية المساندة.
كما أنكر نائب رئيس مجلس إدارة غرفة مكة المكرمة زياد فارسي وجود هؤلاء الباعة، مبينًا أن مثل هذه التصرفات قد اندثرت منذ مايقارب الستة أعوام، وقال: سابقاً كانت تأتي جنسيات معينة للحج عن طريق البر وتتخذ لها موقعًا معينًا لعرض بضائعها الموجودة لديهم ومزاولة نشاط البيع والشراء خلال موسم الحج إلا أن هذه الممارسات قد انتهت وتلاشت منذ سنين ربما بسبب قلة الحجاج القادمين من تلك المناطق.
غير أن زياد أقر بأن الحجاج حالياً يأتون ببضائع عادية ويبيعونها على المحلات التجارية ولكنها بضائع بسيطة ليست ذات أهمية ولا تشكل إزعاجاً بحيث يتم مراقبتها أو حتى محاولة تنظيمها، موضحًا أن الغرفة لا تستطيع عمل إجراء معين لعدم وجود معلومات عن أماكن تواجد هولاء الباعة وتحركاتهم ونوعية بضائعهم كونها أنشطه فردية غير منظمة وليست جماعية، وبما أنها لم تخلف ضرر ولا يوجد عليها محاذير من قبل وزارة التجارة فلا يمنع وجود هذه الظاهرة.
من ناحيته يقول الاقتصادي محمد العنقري أن عدم وجود معلومات عن التجارة التي يقوم بها بعض الحجاج من الخارج واضح، لكن التجار يقرون بوجودها من خلال علاقتهم التجارية ومعرفتهم بمجريات السوق بينما ترى الجهات الرقابية أنها غير موجودة من خلال مشاهدتها لعدم انتشار ظاهرة البيع المباشر أو مايسمى الافتراش مما يعني انها قد تكون موجودة لكن إطارها وأساليبها اختلفت، مما يعني ضرورة إعادة تقييمها من قبل الجهات الحكومية المعنية بطرق وأساليب مختلفة، إذ إن معرفة حجم ونوع البضائع يحمل أهمية كبرى لعدم دخول كميات تجارية ضخمة من جهة وكذلك تسويق سلع لا تخضع لفحص وتدقيق بصلاحيتها أو جودتها، وهذا يتطلب أن تبدأ العملية الرقابية من المنافذ وأيضا التعاون مع حملات الحج الخارجية ووضع تعليمات أكثر عمقا للحد من أي ممارسات تفتح الباب على ما قد يكون من مخالفات تجارية تمارس أثناء موسم الحج أو في مواسم العمرة أيضاً.
أما رجل الأعمال عبدالله بن محفوظ فقد أكد وجود الظاهرة وأن هذه الممارسات بين الحجاج موجودة منذ الأزل ومازالت قائمة وتعتبر ظاهرة، والجهات المسؤولة كالأمانة ووزارة التجارة تغض الطرف عن هذه الممارسات ربما رحمةً بالحجيج، كما أن للحجاج المفترشين مواقع مختلفة على حسب المناطق والجنسيات كالشرق أسيوية وطاجاكستان وأفغانستان وإفريقيا وغيرها، وأوضح ابن محفوظ بأن نسبة 50% من مبيعات الحجاج للحجيج أمثالهم من الأجانب وتقل نسبة إقبال الحجيج السعوديين عليهم.
وذكر أن لهؤلاء الباعة خطة سير معروفة تبدأ من منى ثم الانتقال إلى مواقع أخرى كالنسيم وكدي لممارسة نشاط البيع والشراء لمدة تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة أيام أو إلى أن يحين موعد عودتهم لبلدانهم.
وعن إمكانية تنظيم هذه العملية العشوائية وتهيئة موقع مخصص من قبل أحد المستثمرين لهؤلاء الباعة يقول بن محفوظ بأنه من الصعب تطبيق هذه الفكرة حيث أنها تحتاج إلى مساحة تتراوح مابين 15 إلى 20 الف متر ومن المكلف جداً اتخاذ مثل هذا المساحة بسبب ارتفاع أسعار العقار في مكة المكرمة.
ودعا بن محفوظ الجهات المسؤولة إلى تبني هذه الفكرة وإنشاء موقع خاص للحجاج المتاجرين على أن تقوم إدارة البعثات بتبليغ مؤسسات الطوافة بوجود هذه المواقع لمن يرغب بالمتاجرة من قبل الحجاج على أن تتم مصادرة بضائع من يخالف هذا النظام واتخاذ أماكن غير مرخصة، ولكن أشك بأن الجهات المسؤولة ستتمكن من إجراء مثل هذه الخطوة لتوسعهم وانتشار تواجدهم في أماكن مختلفة وهذا ما سيحد من صعوبة تنفيذ هذه العملية التنظيمية.