عندما يعجز الإنسان عن تحقيق تطلعه وطموحه فإنه يتوصل إلى حقوق انهزامية محضة تمليها عليه قوة الآخر النائم ولسان حاله يقول كما تقول الأغنية العراقية “جزنا من العنب ونريد سلتنا” وهذا هو آخر مفعول الانهزام ونهاية اليأس، في حياتنا العامة يخضع الإنسان لقدره المفروض عليه غصباً بالكثير من الأمور العملية الواقعية، فهو يستسلم للأمر الجائر وإن سحقه وحاول رميه، نتيجة لأعمال قاصرة ونظرة دونية. إن هناك الكثير من الأمور تحصل في حياتنا اليومية ونراها بالعين المجردة دون أن نستطيع عمل شيء سوى المزيد من الثرثرة وبعض الصراخ الممل، نتيجة حرصنا الشديد على أن نحيا حياة واقعية ونرتقي كالآخرين بانتشاء تام واسترخاء ناعم، لا نريد للأشياء الطاهرة أن تتحوّل إلى رجس في الأقوال وفي الأفعال، لكننا نريدها أن تتحول كلها إلى طهارة ونضارة دائمة وبهاء أبدي، إن علينا جميعاً أن نساهم بشكل جمعي في حفل التطهير لذواتنا الخاوية للقضاء على رعونتنا وتهورنا ومحدودية البصر والبصيرة من أجل البهاء والرونق والعاليات من السحاب. إن عملية التطور الذاتي والجمعي تمر في تسلسلها الطبيعي من العادي للجيد ومن الجيد للأجود ومن الأجود للممتاز في جوانبها كلها حتى تضيق قاعدة الهرم. إن للوعي أهمية كبرى في البناء السلوكي والمعرفي والبياض ورقي الأخلاق، ومن غير الوعي يجيء الجمود والترهل والنكوص والتخلف والسواد ورياح الرماد. إن الأمم التي وعت مبكراً وطورت من محفزات الحياة وهزمت اليأس، هي التي تطورت وازدهرت واستقرت وقادت وتسيّدت الركب دون منازع. إن ثقافة الإحباط والانهزام والتشاؤم والتفسيرات الخاطئة للأمور معطيات تنذر بالشتات لا يجاريها سوى الأصوات الناعقة على الخرائب العتيقة. إن الاستسلام للوهن والخور والتمدد الناعم يلبس الروح رداء الضمور مما يجعلها تتقوقع على ذاتها دون حراك ناضج يؤدي بالنتائج الهائلة والفاعلة ويرقى بالحياة نحو الفضاءات المرتفعة. إن إيقاظ الهمم يحقق التطلع ويوفر تربة خصبة للحياة الجميلة، والإرادة الفولاذية، والعزيمة القوية، والفكر المتأمل، والتخطيط الجيد، والتنفيذ السليم، يوصلان لآفاق الحياة البهية، فلنبدأ بإيقاظ الهمم بعزائم حديدية تسودها ثقافة التطلع والإصرار، بعيداً عن ثقافة الخور ومحبطات اليأس والأصوات الناعقة التي تريد الاسترخاء والهوان والدوران عكس عقارب الساعة.
ramadanalanezi@hotmail.comramadanjready @