الإرادة الإنسانية تتميز أساساً بإخضاعها لصوت العقل والعلم والعدل والقيم، وهي بمثابة الشجرة الطيبة النابتة في أرض القلب للإنسان بقدر ما تكون هذه الأرض صالحة فإنها تمد القلب بالغذاء الحيوي وتثمر؟
وعلى العكس من ذلك فإن فساد صلاحيتها فإن الشجرة ستجف ويفسد العمر إنها أرض القلب من هنا فإن المطلوب من رجالات التربية والتعليم زرع مثل هذه الشجيرات المثمرة في قلوب وعقول الأطفال من الصغر، حتى تكون لديهم الإرادة الإيمانية القوية التي من خلالها يتم التمييز بين الخير والشر وتعلم مبادئ الحق والحفاظ عليه ومعرفة دروب الباطل والتخلص منها.
إنه من المؤلم حقاً أن كثيراً من شباب الأمة اليوم لم يكن لديهم الإرادة على مغالبة كل الدوافع الضارة التي تفتت تماسك المجتمع ولم يتعرفوا على ما كان عليه السلف الصالح من تماسك وتحاب، وتطبيقاً لمبادئ الإيمان المطلق والشيم والقيم والعادات والتقاليد والأعراف التي لم يأمر الشرع المطهر بالتخلص منها مثل التقاليد الجاهلية التي أنهاها الإسلام بل وحتى التقاليد التي تم استيرادها من أعداء الإسلام وبعضهم يعتبرها وسيلة للتحرر والتقدم، وهي في حقيقة الأمر لا تمت لقيمنا وعقيدتنا بصلة، إن المسؤولية ملقاة على عاتق رجالات التربية والتعليم الذين يتوجب عليهم أداء المهمة الموكلة لهم الذين مهما بلغت معاناتهم في مجال أعمالهم وتخصصاتهم لأن هذا شأن يجب ألا يؤثرعلى قيامهم برسالة العلم الإنساني التي اختارها الله لهم: وهي تربية وتعليم الأجيال والتواصل مع المجتمع بما يعزز الترابط بالنهج القويم المبني على الصبر والحلم والحكمة والتأني والتحكم في السلوك وممارسة مبدأ دفع الإساءة بالإحسان والتغلب على روح الانتقام والتباعد بين الطالب والمعلم والتعامل في الأخلاق التي تمنع الفرد من أن يطأ المناطق المحرمة، إنها دعوة صادقة لرجال التعليم أن يعلموا التلاميذ كيف يكونون رجالاً للمستقبل متمسكين بالدين مدافعين عن الحق، يحمون الوطن وأن يبتعدوا عن كل ما يذهب عقولهم ويمسح كرامتهم وتاريخهم وأمجاد أمتهم.. فهل يتم ذلك؟!