إن التطوّر في المستقبل يوحي بأن الربيع العربي ينجح في الإطاحة بعدد من الأنظمة الفاسدة، لكنه لا ينجح في إقامة نظم جديدة مستقرة بدلاً من قيام هذه الأنظمة المستقلة والطويلة تتحول الدَّولة إلى مجموعة من الطوائف العرقية أو الدينيَّة أو المذهبيَّة وهو ما يعطي التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة فرصة جيدة لاستقطاب أتباع جدد وهو ما يفجِّر دوامة لا تتوقف عن العنف.
تونس التي اشتعلت فيها نار الربيع العربي حققت نجاحًا باهرًا.
وفي ليبيا ثار الشعب ضد القذافي الذي حاول إحباط محاولة الثوار لكنه فشل في كبح الربيع العربي، وفي مصر ظهر رجال كثيرون قبل أن يصل محمد مرسي للرئاسة.
عندما خرج العميد مناف من سوريا توقع الكثير بأنه سيدعم الثوار في سوريا ولحق به رئيس وزراء سوريا المنشق رياض حجاب البعثي الذي لم يعول على خروجه من سوريا أية نجاحات ضد بشار الأسد كما الحال لمناف الذي لم يحرك ساكنًا.
هذا السيناريو الذي ذكرناه ليس من الأنباء السارة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فإن الذكاء الأمريكي أن تظل الولايات بعيدًا عن الربيع العربي.
بالطبع فنحن أمام وضع يمكن تخيله ولكنه يساعد على كشف الفوضى الحالية في الشرق الأوسط لإيجاد إطار منظور يمكن التعامل معه ولا يحتاج العالم العربي زعيمًا بديلاً يرث الحكم ويورثه لأبنائه، لقد نجح الربيع العربي في تونس وفشل حسني مبارك الذي كان ينوي ترك السلطة لابنه ولكنه أخفق على وقع صيحات الثوار وكانت نهايته مأساوية.
إن ازدهار الديموقراطية أو شيء قليل منها سيقلِّص الخلافات الحالية بين الولايات المتحدة وبعض المجتمعات، حيث سيركز مواطنو هذه المجتمعات على الحصول على تعليم أفضل وتكوين الثروة والحياة الكريمة بدلاً من الانشغال بالقضايا التي لا يراد من إثارتها إلا تشتيت انتباه الشعوب بعيدًا عن فشل حكوماتها مثل قضية تحرير مرتفعات الجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة أو الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة وسيحصد العرب دعمًا للمطالبة الفلسطينيَّة سواء لأنّ السياسيين الديموقراطيين العرب سيستغلونها لزيادة شعبيتهم في الداخل كما يفعل أردوغان في تركيا وإن أي حكومة ديموقراطية في سوريا ستظل تطالب باستعادة الجولان من إسرائيل.