مفهوم صف الحكي كما هو شائع لدى عموم الناس.. هو: الكلام المترابط الكلمات المفكك المعنى.. أي ترابط الكلمات بشكل يعطي كل جملة مستقلة معناها وسياقها اللغوي لكنها لا ترتبط منطقياً بالجمل السابقة أو اللاحقة.. فترابط الكلمات في الجمل ترابطاً بلا معنى.. أو بمعنى مفكك.. غير قابل للفهم أو إدراك المقصد.. بحيث يمكنك إعادة تشكيل الجمل وتغيير ترتيبها فتخرج بنفس النتيجة وهي أن هذا الكلام ليس له معنى.
صف الحكي «المحكي» لا يزيد على أن يكون طنيناً مؤذياً للسامع.. أما صف الحكي «المكتوب» فليس أكثر من هذر ممل للقارئ.. وكلاهما بلا نفع لذا فهما عبث.
صف الحكي يمكن أن يكون مجرد صف للكلمات والجمل.. وربما يكون صفاً للمعاني المتناقضة المتضاربة المفككة الروابط التي تفتقد إلى انسجام المعنى الكلي.. مما يجعل الحوار أو الجدال أو الحديث غير ذي معنى.. فيتحول الأمر إلى استفزاز أو حديث أغبياء أو حوار طرشان.
وقوع المتكلم أو الكاتب في صف الحكي يكون أحياناً عن غفلة وأحياناً أخرى يكون نتيجة عجز وقصور في القدرة على التعبير عن المعنى المراد.. ويكون في أحيان أخرى مراوغة يُقْصد بها الفرار من قول الحقيقة.. أما الدافع لصف الحكي فهو الخوف من قول الحقيقة أو تجنيب النفس أي اتهام قد يلحقها.. أو مجاملة لا بد منها أو نفاقاً وتملقاً لشخص ما.
كما أن الكلام الفارغ والتافه والسخيف والفتان والحاقد والحاسد والكاذب كله يقع ضمن منظومة صف الحكي لأن له غرضاً آخر غير الصدق ونقل الحقيقة والإفهام والإفادة والنفع.
الفرد في كل أنحاء العالم يتلقى كماً هائلاً من المعلومات والتوجيهات والأفكار والأخبار الصادقة أو الكاذبة والآراء التي تعتمد على نصف الحقيقة أو أحد وجوهها.. هذا الفرد إذا لم يتم تنبيهه وتجهيزه بتدريبه على مواجهة هذا الفيض من توجيه الرأي العام سوف يقع ضحية لكل من ملك وسيلة إعلامية يقلبه على وجهه وقفاه دون أن يدري.. بل إنه سوف يتخذ مواقف يقينية وهو لا يدري أنه لا يدري؟.. ولا يكون تجهيز الفرد إلا برفع قدرته على التلقي والتحليل والاستنتاج.. فهذه هي الوسائل المهمة في تحصين الفرد وحمايته من أن ينقاد لرأي مجتزئ أو فكر منحرف أو تأليب عدواني آثم.