يبدو أن أزمة منطقة اليورو أصبحت الحديث الأبرز للاقتصاديين حول العالم، فالتحولات الكبيرة في حجم الأزمة والفترة الزمنية الطويلة التي أخذتها منذ انطلاق شرارتها في العام 2008، إضافة إلى الحلول الكثيرة التي قدمها الاتحاد الأوربي، جميع تلك العوامل لم تصل بالأزمة إلى استقرار ولا نتحدث عن نهايتها بشكل كامل.
حيث إن جميع الحلول المقدمة خلال السنوات الماضية لم يحد من التأثيرات بل على العكس نرى أن الأزمة تتفاقم بشكل أكبر مع مرور الوقت لتضم ضحايا جدد حتى وصلت إلى أهم الدول في المنطقة وهنا يجدر بنا جديا التوقف عن التفاؤل بالحلول. فهذا الأسبوع حملت الأرقام الاقتصادية معدلات جديدة في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية و تشير أن الأزمة لازالت تتحرج حتى وصلت إلى فرنسا.
و تبسيطا للمسألة فإن أرقام البطالة تعطي أهم مؤشر من وجهة نظري على ما وصل الية أي اقتصاد، فهي انعكاس حقيقي للوضع الاقتصادي الكلي و الجزئي، بمعنى أن تسريح الموظفين من قطاعات الأعمال الأهلية هو نتيجة لانخفاض أرباح تلك الشركات، وانخفاض أرباح الشركات هو نتيجة لضعف المبيعات أو لارتفاع التكاليف، وفي الوضع الراهن هو نتيجة واضحة لضعف المبيعات، و ينعكس ذلك على الوفاء بالالتزامات المالية لتلك الشركات ، وينعكس ذلك على مستويات التمويل و الإقراض لارتفاع المخاطر ، و عليه فأن العجلة الاقتصادية تبدأ في التباطؤ ، لنصل إلى ضعف القوة الشرائية في الأسواق بسبب خروج أعداد كبيرة من الناس من سوق العمل وهنا نعود إلى أرقام البطالة.
في أوروبا الأرقام تشير إلى انه خلال أربع سنوات من بداية الأزمة هناك ارتفاع تاريخي لمعدلات البطالة في الدول بدأ من اليونان التي 25 بالمائة خلال شهر مايو الماضي، مرتفعة من 16 بالمائة لنفس الفترة العام الماضي 2011. و امتدت الأزمة لتصل إلى اسبانيا التي تصارع من أجل عدم الدخول في نفق اليونان المظلم، فقد وصلت فيها البطالة 25 بالمائة كمعدل تاريخي وهي لا تزال في بداية أزمتها و أخيرا وليس آخرا فقد وصل لهيب نيران أزمة منطقة اليورو إلى الكبار الذين نذروا أنفسهم لمساعدة الدول الأخرى، وصل التأثير إلى فرنسا التي تشكل مع ألمانيا عامود الارتكاز للاتحاد الأوربي، فقد أظهرت آخر الأرقام إلى وصول نسبة البطالة إلى حوالي 10 بالمائة و هذا أعلى معدلاتها في 13 سنة.
وإذا وصل الحديث إلى ألمانيا فعندها تكون خطة إنقاذ اليورو وصلت إلى نقطة جديدة قد تدعم نظرية التشاؤم بأن حل الأزمة هو العودة إلى نقطة الصفر.
ويبرز السؤال عن ماذا تعني نقطة الصفر؟ و ما هي تكاليف العودة لها؟
albadr@albadr.ws