الجزيرة - سعيد الدحية الزهراني:
بعد معاناة طويلة من المرض.. انتقل إلى رحمة الله أمس الأحد الأديب والمؤرخ علي بن صالح السلوك الزهراني وصلي عليه بعد صلاة العصر بجامع الملك خالد بأم الحمام بالرياض..
والأستاذ السلوك - رحمه الله - من القامات الثقافية والأدبية والإنسانية والإدارية المهمة في منطقة الباحة وفي المشهد الثقافي الوطني العام.. حيث صدر للأستاذ السلوك العديد من الكتب والمراجع التي استغرق تأليف واحد منها خمساً وعشرين عاما، وقد تناولت كتبه الجوانب التاريخية والإنسانية والحياة الاجتماعية لمنطقتي غامد وزهران..
والأستاذ علي السلوك الزهراني المولود في (قرن ظبي) بزهران عام 1359هـ، عمل طوال خدمته المدنية في إمارة الباحة مديراً للحقوق العامة فمديراً لإدارة التفتيش فمديراً لإدارة إمارة المنطقة ومديراً عاماً لإدارة المالية والإدارية. وله مساهمات فعالة في منطقة الباحة من الناحية الثقافية والأدبية، ويشارك بكتاباته الجادة في مختلف الموضوعات الأدبية والاجتماعية في الصحافة المحلية، وهو عضو في الكثير من اللجان المحلية ومن مؤسسي نادي الباحة الثقافي، وعمل نائباً لرئيسه منذ تأسيسه حتى مرضه - رحمه الله -.
وللأستاذ السلوك العديد من المؤلفات منها:
الأمثال الشعبية في بلاد غامد وزهران.
الأدب الشعبي في بلاد غامد وزهران.
وله بحوث قيمة ومقالات في المجلات والصحف السعودية.
آخر مؤلَّف أصدره قبل مرضه هو (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) من أربعة أجزاء:
1- الكتاب الأول: قصائد الجبل واللبيني.
2- الكتاب الثاني: قصائد العرضة في مناسباتها المختلفة.
3- الكتاب الثالث: قصائد اللعب والمسحباني والهزموج والعزاوي والسامر.
4- الكتاب الرابع: الأناشيد الشعبية (القاف).
يذكر أن «صحيفة الجزيرة» عبر «المجلة الثقافية» قدمت ملفاً تكريمياً مميزاً عن الراحل السلوك.. شارك فيه نخبة من الكتاب والمثقفين على امتداد خارطة الوطن..
رحم الله فقيد التأريخ والتراث والثقافة الأستاذ الكبير علي بن صالح السلوك الزهراني.. وسيبقى منجزه المعرفي حياً لأجيال وأجيال..
****
قالوا عن الراحل
د. فيصل بن محمد بن سعود:
لقد عرفتُ الأستاذ علي السلُّوك مبكراً عند وصولي إلى منطقة الباحة وخلال عملي بإمارة المنطقة؛ كونه كان واحداً من الكفاءات الإدارية بإمارة المنطقة وذا خبرة طويلة ودراية واسعة بأوضاع المنطقة مثلما كان واحداً من المثقفين الذي سخر كثيراً من وقته وجهده لخدمة تاريخ المنطقة.
وقد كانت مسيرته العملية قبل تقاعده ومرضه من النماذج المميزة والفاعلة، وذلك لما يحمله الرجل من منهج إداري جيد وفكر ثقافي رصين لخدمة دينه ووطنه.
الشيخ حمد الجاسر:
الأستاذ علي بن صالح الزهراني، وهو من خيرة شباب هذه البلاد، ومن أوسعهم اطلاعاً على مختلف أحوالها وأعمقهم معرفة، وله مؤلف شامل عنها أطلعني على قسم كبير من مواده، ورأيت لديه بعض الوثائق التاريخية عن حوادث جرت في هذه البلاد في القرن الماضي، وقد كرم بتصحيح أخطاء كثيرة اتفق هو والأستاذ محمد مسفر على أكثرها، وانفرد أحدهما بأشياء، وقد أدمجت كل التصحيحات، كما كرم الأستاذ علي بالإفادة عن بعض مواضيع قديمة وحديثة ذات قيمة.
د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي:
عرفناه مع رواد المعجم الجغرافي؛ فاصطفّ - في أذهاننا - إلى جانب: حمد الجاسر، وعبد الله بن خميس، وسعد الجنيدل، ومحمد العبودي، وذكرناه - مع هؤلاء الكبار - حين تصدى للتأليف الموثّق المنطلق إلى المكان بوصفه علامة تميّز تستوعبُ الإنسان الذي سار والذي أشار والذي بنى والذي غنّى.. ! تابعنا سيرته في (سراة غامد وزهران) ثم انزوى عنا أو انزوينا عنه، وعلمنا بوضعه الصحيّ الحرج، وأسفنا أن تأخرْنا في تلويحة وفاء لدأبه وجدّيته وإنجازاته.
علي الدميني:
(أبا زهران)، كنت مثالاً للوفاء في سيرتك وكتاباتك، لمعاني المكان والإنسان في تلك المنطقة تحت خيمة الوطن، فحضر إنسان (منطقة الباحة) الإدارية، التي عايشتها، وأفنيت عمرك في رصد تفاصيلها، وإبداعاتها، وجمع وثائقها، والاحتفاء بشخصياتها المتميزة؛ من أجل تعزيز مساهمة ثقافة المكان في تغذية نسيج ثقافة الوطن المتنوعة والمتعددة ضمن نسق الوحدة الوطنية الشاملة، دون أن تغلب على أعمالك أية شبهة إقليمية، أو تعصبية، أو نعرة قبلية، أو ميول فردانية.
سعيد الدحية الزهراني:
عرّاب الباحة.. علي بن صالح السلوك الزهراني.. وعيٌ وعى أن التوثيق ضرورة.. فغدا ينقب عن قشوره مثلما جذوره.. فحل صنيعاً نبيلاً على كل شبر في تهامة الباحة وسراتها.. مدوناً الأسماء.. وموثقاً المسافات.. ومؤصلاً المواقع والوقائع!! التفت أبو زهران.. إلى موروث غامد وزهران.. فرأى الثراء الملقى على الثرى.. فتيقن أنه سيكون تحته ما لم يُؤصل و يُحفظ.. فجمعه ليس في جزء؛ بل في أجزاء! استلهم أستاذنا السلوك.. عذوبة أشكال الفلكلور الجنوبي لدى غامد وزهران وجماله.. فراح يؤرخ لرموزه وأعلامه.. مثلما أصل وفصل لأنماطه وفنونه؛ كالعرضة واللعب وغيرهما..
د. جمعان رشيد بن رقوش:
عرفت الأستاذ علي بن صالح السلوك مواطناً باراً بوطنه، يسعى لتطوير مسقط رأسه كان من الداعمين للمؤسسة الخيرية ولكل أعمال البر في منطقة الباحة عرفته رجلاً لحوحاً إزاء إصلاح ذات البين فكان له إسهامات جليلة في هذا الإطار نرجو الله سبحانه وتعالى أن يثيبه على ما قدم من أعمال بر وتقوى..
عرفته أباً استطاع تربية أبنائه التربية السليمة حتى أضحوا مواطنين صالحين من بناة المستقبل وتسلموا مسؤولياتهم الطبية والإدارية فكانوا نعم الشباب الصالح المؤمن بربه والبارين بوالديهم ووطنهم.
د. صالح زيّاد
أتخيل الأستاذ علي بن صالح السلّوك جبلاً أشم من جبال الباحة، أو حصناً من الحصون التي تؤشر في المنطقة على التأريخ والإنسان.
لكن لماذا يكون (جبلاً) أو (حصناً)؟! هل للجبل والحصن أن يختصرا الإشارة إليه؟ وأي معنى هذا الذي لا تختصره إلا رمزية الجبل والحصن؟! هناك وجهان للحديث عن السلّوك، أحدهما معرفي والآخر إنساني، تحيلهما هذه الرمزية إلى وجه واحد، بالمعنى الذي لا يتجاور فيه المعرفي والإنساني، أو العقل والقلب، فقط، وإنما يغدو أحدهما الآخر ويتماهى فيه، فتصير المعرفة بحثاً في جغرافيا يصنعها الإنسان ليكون بها تاريخاً ومأثورات شعبية ووثائق يفيض اكتشافها وجمعها وتركيبها بمعاني الوطنية والإنسانية المضفورة بدلالات الرسوخ والصمود الزمني تماماً كما هي جبال السروات التي روض السرويون صعبها ووعورتها لبساتين الكروم والرمان ومدرجات القمح والذرة منذ عهود سحيقة، وحموها بالحصون والمراقب وبالأحلاف والمعاهدات والقواعد ولأعراف القبلية التي لا تنفصل في معناها الثقافي الاجتماعي عن فنون الرقص والغناء والأمثال والأشعار والحكايا والأزياء.
أحمد قران الزهراني:
أتطلع إلى صبره على عناء البحث قدرته على التنقيب في الوثائق المهترئة استنطاقه للأوراق الرسمية الصامتة رسم صورة (الباحة) المدينة والتاريخ والإنسان كما لم يرسمها بهكذا جلاء أحد من قبل كتبها لأنها سكنت دواخله كتبها بلغة العاشق وحكمة الشيوخ وحصافة المؤرخ وذكاء المثقف كتب إنسانها أوديتها جبالها أشجارها استنطق الوثائق الجافة حد التصحر الجامدة حد التحجر فكانت (بلاد غامد وزهران) محوراً تاريخياً حافلاً بمنجز الماضي وعطاء الحاضر.
سعد المليص:
(الشيخ أبو محمد المكنى بابن زهران) نسبة وتيمناً بقبائل عمنا زهران الذين هم أعلام في الشيم والقيم والشمم والكرم).
ألفيته: طالباً نجيباً بالمرحلة الثانوية الريحانية - يتكبد المشوار للتحصيل الدراسي مساء كل يوم من بلدته (قرن ظبي إلى مقر المدارس الريحانية - الريحان بني ظبيان وفروعها بمدينة الباحة - حي الزرقاء) حتى تخرج بالشهادة الثانوية من القسم الأدبي في وقت كان يتزاحم مع من فاته التعليم الثانوي في سن الصغر من أقرانه على المؤسسات الريحانية التعليمية والثقافية للتحصيل الدراسي الإعدادي والثانوي العام ونظام دار التوحيد - والأكاديمي انتساباً إلى جامعات مملكتنا الفتية - فكان عصامياً ورعاً صابراً شغوفاً بالتحصيل الدراسي.
سعيد علي صالح العنقري :
أكرم ما ينبغي علينا فعله تجاه رجل بقامته أن نعيد ولأكثر من مرة قراءة ما دوّنه يراع الأديب الأستاذ علي بن صالح السلوك عن ملهمته الباحة.
حينها سنكتشف كم هي رائعة منظومة الأحلام الدفيئة في قلب هذا الإنسان النبيل الذي رتّب حياته بصرامة شديدة شاحذاً همّته وطاقته الذهنية لصياغة إرث فكري وتراثي وثقافي عن الباحة وأهلها وربوعها ولسانها ومأثوراتها وأسرارها.
وكل كتاب من هذه المنظومة يمثل بذاته حداً لا نهائياً من التضحية والترحال المتواصل على أجنحة المعاناة والحرمان من مباهج ومُتع الحياة ليغرس في النهاية نبتته الخضراء على سفوح ذاكرتنا.
د. محمد بن سعيد العلم:
إن أبا زهران رغم الحساسية المحيطة بعمله بين أبناء منطقته استطاع أن يصل إلى قلوب الناس ويكسب ودهم.
فكان يد العون - بعد الله - لمن يعرف ومن لا يعرف وربما كان لوقوفه بجانب المحتاجين والمحرومين سبباً في معرفة الناس وحبهم له.
لقد أسهم أبوزهران في نشر ثقافة الحب والإخاء والتعاون وعمل الخير والحث علي فعله في مجتمعه، ولم يكن يعمل ذلك بغية الثناء ولكن من واقع نزعة داخلية مؤصلة في نفسه - شفاه الله - تحب الخير للقريب والبعيد وإن كان هنالك من تمييز بين اثنين فهو لصالح المحتاج، والفقير، والمكلوم، ومن جار عليه الزمن.
فما أن يعرف شخصُ أن فلاناً ألمت به ملمة حتى ويدله على أبي زهران، كما فعل والدي مع صديقه.
أ.د. عبدالرزاق حمود الزهراني:
لقد نجح السلّوك في توظيف الوظيفة التي كانت تعمل بها إمارة منطقة الباحة في خدمة الثقافة، فلم تلهه الوظيفة عن مخططه الشمولي لخدمة تاريخ وتراث منطقة الباحة، فكان المرجع الأول الذي يقصده الباحثون وطلاب العلم ومعدو رسائل الماجستير والدكتوراه عن منطقة الباحة ليزودهم بالمعلومات، ويدلهم على مكامن ومراجع تلك المعلومات، وكان الشيخ حمد الجاسر (رحمه الله) من أوائل من استعان بالأستاذ علي بن صالح السلّوك، وذلك في إعداد كتابه القيم (في سراة غامد وزهران)، وقد ذكر ذلك في أكثر من موضع في الكتاب، أنظر مثلاً ص 493.
أحمد علي الشدوي:
لا أعرف على وجه الدقة متى كان لقائي الأول معه، فأنا أعرفه منذ أن بدأ التأليف، أعرفه باحثاً في خيالي، أعرفه في غامد وزهران الإنسان، وفي المعجم الجغرافي لمنطقة الباحة، ومجلدات موروثات غامد وزهران، وفي وثائق من التاريخ.
ينتمي لمدرسة الرواد مع الجاسر والعقيلي والبلادي. وهي مدرسة لا تعنيها الدعايات والتهويل، بل تغوص في المعرفة وتلبي حاجة طالبها ولا أعتقد ان باحثاً يستطيع تجاوز هؤلاء الرواد عند إجراء بحث أو دراسة في مواضيعهم.
اللواء الدكتور صالح الزهراني:
علي مؤرخ محقق وأديب كبير ملأ الساحة الأدبية بإنتاجه الذي كرس جله لتاريخ منطقة الباحة وآدابها وموروثاتها، فسد بذلك فراغا كبيرا في المكتبة السعودية والعربية، أبرز مؤلفاته: 1- المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران الذي طبع ضمن المعجم الجغرافي للبلاد السعودية الذي أشرف عليه الشيخ حمد الجاسر.
2- وثائق من التاريخ.
3- غامد وزهران السكان والمكان.
4- كتاب الموروثات الشعبية لغامد وزهران، المكون من خمسة أجزاء.
جمعان الكرت:
ثمة غشاوة تضرب بقتامتها على أعيننا فلا نستطيع رؤية من حولنا رؤية دقيقة ومنصفة، حيث يعيش بين ظهرانينا أشخاص ضحوا بأوقاتهم وصحتهم من أجل خدمة وطنهم.
حينما كان الكثيرون لا يعرفون محيط منطقتهم برز أحد أبنائها ليقدم عطاءً جغرافياً وتراثياً يستحق الشكر والثناء... هو علي بن صالح السلوك الذي نبتت في ذهنه أزاهير عشق المنطقة.. واشتعلت جذوة الحماس في شرايينه ليدفع إلينا سفراً جغرافياً لبلاد غامد وزهران، وهذا العمل الجغرافي يعطي دلالات عديدة.
أحمد الدويحي:
الأستاذ علي بن صالح السلوك قامة شامخة اجتماعياً وثقافياً، يعد من أبرز وجوه المجتمع في الباحة، ورمز ثقافي من جيل عاصر مرحلة التكوين، الجيل الذي حفر في الصخر دون هوادة، ليبقي للأجيال التالية ما يغني عن السؤال..
تحفظ ذاكرتي هذا الاسم البارع مذ كنت طفلاً، يناغي الحرف قراءة ومتعة، وبالذات حينما يتناول الكاتب في هذه المرحلة من الغمر، شاناً أدبياً وفكرياً قريباً من العقل والعاطفة، وهذا ما أظن أن الأستاذ السلوك قد فعله معي.
د. علي محمد الرباعي:
أبا زهران طبت في نبلك وفي وفائك لمنطقتك وأهلك، وأحسب أن أعداداً كثيرة من الجيل المعاصر سيشعرون بغربة كبيرة بل قل اغتراباً عن بيئة ينتسبون إليها بالاسم لكنهم لا يعلمون عنها ولا يدركون من ملامحها وتاريخها الذي هو تاريخ جدودهم وآبائهم إلا أنهم ولدوا وعاشوا وعايشوا وماتوا، وهذا خذلان وجحود وسقوط في دائرة العجب بالذات المتضخمة بالوهم، ونكوص نحو بؤرة التنكر، فعناصر الشخصية السوية تعتمد أولاً في بنائها على الحس المنتمي لامتداد تاريخي زاخر ونابض بالحياة والمنجزات والعطاء الإنساني مهما تواضعت مخرجاته، وسيظل المنبت حقيقة هو العاجز عن استحضار امتداده لآبائه وأجداده وبيئته، ونحن في أدبياتنا حين نستنكر تصرفات البعض نقول عن صاحبها (أتركك منه هذا قليل أصل).
هذه الكلمات سجلها المشاركون عبر الملف التكريمي الذي قدمته (الثقافية) عن الراحل قبل سنوات