لا يجهل أحدنا تأثير الشبكة العنكبوتيَّة أو الإنترنت على أوجه حياتنا المختلفة إيجابًا أو سلبًا. فقد سهلت الحصول على المعلومة وبضغطة زر، كما قرَّبت وربطت بين سكان العالم وبشكلٍ عامٍ أحدثت ثورة اجتماعيَّة ومعرفيَّة بل واقتصاديَّة وسياسيَّة على مستوى العالم.
وبما أن هذه الشبكة فضاء مفتوح دون قيود لكل من أراد دخوله وارتياده، وبالأخص المدوَّنات ومواقع التواصل والإعلام الاجتماعي، يوتيوب، تويتر، فيس بوك وغيرها، فلا نستغرب مما يظهر في تلك المواقع طالما أنه ليس هناك قيود وتقنين ومعايير إلا ما يخص الملكيَّة الفكريَّة وبعض القوانين التي وضعتها الدول صاحبة التقنيَّة وأقصد بها أمريكا وأوروبا فهي ترى أن لها الحق في وضع ما يلائمها من قوانين، إلا أن تلك القوانين ليس بالضرورة أن تلائم جميع دول وشعوب العالم.
وما يبعث على الارتياح أن سنّ وتطبيق القوانين وتعريف الجرائم الإلكترونية قد بدأ لدينا وفي بعض الدول العربيَّة. لكن كما نعرف جميعًا فهذا الفضاء الواسع لا تحده حدود ويصعب اختيار من يدخله ويكتب في مدوَّناته، فكل من هبّ ودبّ ومن مختلف العقليات والخلفيات والأشكال البشرية أصبحوا يفتون وينتقدون ويكتبون حتَّى في العقيدة وللأسف الشديد وهم حتَّى أصول الإملاء يجهلونها!. عندما نتأمَّل أسباب هذه الظاهرة نجد أهمها أن ثورة الاتصالات والإنترنت هجمت فجأة وخلال فترة زمنية خاطفة وهذه طبيعة الثورات وإلا لما سُمِّيت (ثورة الاتصالات والتقنيَّة)، والمجتمع في بعض فئاته خصوصًا النشء وصغار الشباب، ثمَّ أولئك محدودو الوعي والتَّعليم أو من ثقافتهم ضحلة، وحتى من انتمائهم الديني ركيك، دخلوا هذا الفضاء المفتوح مع غيرهم من فئات المجتمع، وهذا ما نرى نتائجه من تخبطٍ ولغطٍ اجتماعي وفكري مما يكتب تلك المواقع. بل وأقول: إن الإنترنت أتاح لأولئك الذين كان يمنعهم الخوف لا غيره من التصريح بأفكارهم وآرائهم التي تكشف عن نفوس ملتوية مريضة مصابة بالفصام، فوجدت في هذا الفضاء المفتوح فرصتها لنفث ما في دواخلها. واللافت أنك تجد بعض أولئك الذين كتبوا في بعض الركائز الدينيَّة وشؤون المجتمع السعودي، تجدهم من خلفيات اجتماعيَّة (تعرف) بأنها خدمت الثوابت الدينيَّة والوطنيَّة!. المنع والحجب صعب أو مستحيل في وقتنا الحالي وجميل أن يكون الميدان مفتوحًا للجميع للحديث والنقاش وتبادل الأفكار. والسلطات في كلِّ مكان وزمان ليس بإمكانها ملاحقة كل صغيرة وكبيرة فلديها هموم التنميَّة وشؤون بلدانها، لكن قطعًا لكل دولة ومجتمع ثوابت وخطوط حمراء حتَّى أعتى الديمقراطيات لا تسمح بتجاوزها. لكن يظل الأهمّ والأساس هو الرقابة الذاتية في نفوس الواعين ومن لديهم الحدّ الأدنى من الثقافة والتَّعليم، ليكون لديهم المعيار فيما يكتبون أو يتلقونه من كتابات، أما صغار النُّفوس والعقول فلا يخلو منهم مجتمع، وبالذات من حكمتهم (خالف تعرف)، والله يرعاكم.
omar800@hotmail.com