ما يدعو لليأس هو تعثر المشاريع الصغيرة، أيا كانت، معنوية أو مادية، على نحو تكوين فريق اجتماعي خدمي، أو نجاح خطة اجتماعية تكافلية، أو دعم أسري مفيد، أو ما هي تكسبي ربحي على نحو الفشل في أي مشروع تجاري محدود.. تلك المشاريع البسيطة التي تبنى عادة بحلم جميل، وتنتهي إلى مجرد وهم مؤذ، وخسائر يتكبدها البسطاء دائماً.
المشاريع التجارية الصغيرة التي تتعثر ويكون لفشلها تبعات مؤذية وذيول جسيمة من المساءلة والغُرم وضياع رأس المال وفَقد المدخرات البسيطة تميل في الغالب إلى أن المتسبب مرتهن إلى جهة ربحية كبيرة ونهمة، تسعى إلى بسط نفوذها دون أن تترك أي بصمة إنسانية للسواعد التي أعدت هذا العمل وشقت به، أو سعت إلى تنفيذه بما لديها من أموال محدودة.
فالجميع في تجارب الأعمال التجارية البسيطة بات يسلم في فرضية الانصهار في ربقة المشروع الاستحواذي الكبير الذي قد لا يوفق كثيراً في رد الفضل لأهله، وأنصاف هؤلاء الذين يبذلون قصارى جهدهم في بناء هذه المشاريع حينما تكون مثمرة وناجحة، كما أنهم لا يقيلون عثارهم حينما يتكبدون أي خسائر، ولا يساعدون في تخفيف وطأة الفشل أو التعثر في أعمالهم، مما تسبب في ازدياد أرقام المشاريع الصغيرة المتعثرة، أو المفلسة وبعضها يبقى لأعوام معلقاً بلا حلول.
من يتأمل ملياً ما تسوقه الجهات المعنية من مبررات حول تعثر هذه المشاريع الصغيرة على نحو جهات العمل والشؤون الاجتماعية يدرك أننا أمام قضية ذات بعدين أو شقين هامين هما: العمل التنظيمي، والآخر الحاضن الاجتماعي، أي أنه كلما غابت منطلقات التنظيم والتخطيط والدراسة الجادة للجدوى والمحتوى، وكلما تلاشى الحاضن الاجتماعي المتكافل فإنها حتماً ستعجل في نهاية هذه المشاريع وزوالها أو تصير إلى اندماج مع ما هو أقوى منها، لتذهب لقمة سائغة في جوف المشاريع الكبيرة على نحو تجارة (البليلة) و(الإيسكريم) و(الذرة) و(المعمول) و(البهارات) وأعمال أخرى يعول عليها البسطاء ويربطون على الدوام مصيرهم بنجاحها أو تعثرها.
فالحاضن الاجتماعي هو السند القوي والمؤثر في هذه المعضلة الإنسانية إذ يتمثل في انقياد الجميع إلى ما هو ترويجي بالدرجة الأولى، أي أنهم ينخدعون دائماً بآليات الإعلان التجاري، والاستدراج الاستهلاكي حتى يصبح في معضلة البحث عن أي شيء يتصور أنه يحقق أي ربح!
والأمثلة كثيرة على تجشم المجتمع عناء تصديق بعض الروايات التي تحاك حول أهمية مشاريع غير مربحة، أو لم تنضج تجارب الآخرين فيها، على نحو الأخذ ببعض العبارات والخطوات والكلمات والتنظير عن خوض تجارب التجارة على نحو نزوة وظائف سوق الخضار والفاكهة، وما آلت إليه من فشل ذريع لم تعالج آثاره حتى اليوم.
وقد استجدت في الأمر معوقات أخرى قد تعترض طريق نجاح مثل هذه المشاريع الصغيرة يتمثل في نمط آخر للتفكير السلبي لدى هؤلاء، وأهمها أن يدخل في المشروع ـ رغم محدوديته وصغره ـ شريك آخر، على نحو العمالة التي يكون لها القول الفصل في هذه الأعمال، حيث تتحول الأمور التجارية المحدودة والمشاريع الربحية إلى فخ يقع فيه البسطاء، أو المغرر بهم، ليرضى هؤلاء باليسير من العائد، وهو أقرب إلى الفشل، أو التعثر في بناء المشروع التجاري الصغير.
hrbda2000@hotmail.com