يذكر مواطن أنه ذهب لإحدى مدن المناطق السياحية في المملكة واحتاج لمراجعة مستشفى في تلك المدينة فاضطر لسؤال أحد المارة عن أقرب مستشفى أو عيادة، فرفض أن يرشده إلا بعد دفع مبلغ من المال! وهذا بلا شك يتنافى مع المروءة والحياء والتعاون.
كنت أحسب أن ذلك المواطن مبالِغ في روايته، ولكنني علمت دقة صدقه حينما قرأت أن حادثة قريبة منها تحصل حاليا في مدينة الطائف، حيث يتم تأجير ظل الأشجار على المصطافين استغلالا لتوافدهم وافتقاد أماكن ملائمة للنزهة. ويصل تأجير الشجرة الواحدة إلى ثلاثين ريال لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات كحد أقصى. ويبدأ وقت التأجير بعد صلاة العصر من كل يوم، مع إلزام المستأجر بشراء الشاي أو القهوة المعدَّة على الجمر.
وما أعرفه من مصطلحات تدور حول الظل هي مقولة (ظل رجل ولا ظل حيطة) كناية عن أهمية الرجل في حياة المرأة أيا كان ذلك الرجل من السوء، ومهما كانت تلك الحيطة (الجدار) من الجمال والشموخ والعطاء بصمت!! كما أننا نعرف حكومة الظل وهي التي تدير الأمور بعيدا عن الأضواء وتحكم وتأمر وتنهى.
أما تأجير الظل فهي سابقة باقعة ووصمة عار في جبين السياحة الوطنية، سيما أن تلك الأشجار لم تزرع لهذا الغرض وإنما لتخفف من الحرارة وتنفث الأكسجين وتنشر الجمال، فكيف يستغل السائح حتى في ظل شجر بلاده المجاني؟!
ولم يكتف المستثمرون بتأجير ظل الأشجار فحسب، بل وضعوا عليها سياجا بما يتناسب مع الخصوصية السعودية ولمنع المتلصصين فضلا عن احتكارها وهو ما جعلها تفتقد للنظافة!!
وفي ظل غياب الرقابة والمتابعة فإن هذا النوع من التجارة يعد أحد التجاوزات الأخلاقية من قلة الحياء، ونقص المروءة وضعف المواطنة وطغيان الطمع وغياب الضمير واستغلال حاجة الناس. ولعدم وجود من يستطيع تحمّل المسؤولية فإني أحملها السائح الذي ارتضى أن يستأجر ظل شجرة ويقبل بالاستغفال مهما كان المبلغ ضئيلا أو حتى تافها!
ولأن شر البلية ما يضحك ويقهر! فأخشى أن يعمد السياح قبل نيتهم السياحة لزراعة شجرة بطريقة تمكنهم من حملها عبر ملحقات بالسيارة ليمكن التفيؤ بظلها من لفح حرارة جشع التجار ونيرانهم!! وهنا ستظهر آليات خاصة لنقل الأشجار وسينشط تجار آخرون ببث دعايات تحت أسماء متعددة مثل (اختر نوع شجرتك السياحية)! وقد يلجأ السائح للتأمين عليها ضد الغير حتى لا تسرق من أمام باب الفندق أو الشقة! عدا عن تقسيم أنواعها وأشكالها فهذه شجرة للسيدات وشجرة للشباب وثالثة للمسنين وأخرى للأطفال، وبعضها مثمر يأكلون منه أثناء السفر والتنزه وبعضها جمالي فحسب!
واحمدوا ربكم أن ظل تلك الأشجار للتأجير وليس للبيع! فحينئذ تحل كارثة أخرى، حيث سندخل في دائرة الرهن الشجري وتبدأ سالفة لا تنتهي!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny