هالة الخولي:
بهامش ضئيل للغاية صوّتت الأغلبية لصالح التغيير في مصر. فقد جاء إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية هناك والتي طال انتظارها بفوز محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين ورئيس ذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة. كانت لحظة إعلان فوز مرسي تاريخية وكان رد الفعل عليها متبايناً. فقد سبق إعلان نتائج الانتخابات أسبوع عصيب بالنسبة للمصريين وشهد حالة من الترقب والإثارة وحرب شائعات، مما جعل الشعور بالارتياح بعد إعلان النتيجة هو الشعور السائد بين أغلب المصريين. ولكن للأسف الشديد فالارتياح لم يكن من نصيب كل المصريين. فالنتيجة التي أشارت إلى انقسام أصوات الناخبين بالتساوي تقريباً بين المرشحين الاثنين أصابت النصف الخاسر بالمفاجأة الكاملة والخوف. بالنسبة لأنصار مرسي فإن الاحتفالات الصاخبة لهم في ميدان التحرير بقلب العاصمة القاهرة ترددت أصداؤها في كل مكان من البلاد. ورغم التهاني للرئيس الفائز فإن الرجل يأتي في ظل ظروف معقدة. فالرئيس يتولى مهام منصبه في غياب البرلمان الصادر قرار قضائي بحله وكذلك في ظل لجنة تأسيسية لوضع الدستور مطعون في قانونيتها. في الوقت نفسه فإنه يتقاسم السلطة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى إدارة البلاد منذ فبراير 2011 في أعقاب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك. وقد تم حل واحدة من العقبات التي واجهت مرسي وتتعلق بالجهة التي كان عليه أن يؤدي أمامها اليمين الدستورية في ظل حل مجلس الشعب (البرلمان) فقد التزم مرسي بالإعلان الدستوري المكمل وأدى اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية.
ورغم ذلك فالرئيس المصري الجديد يواجه معضلة تتمثّل في كيفية استرضاء الملايين من أنصاره الذين يعارضون المجلس العسكري وقراراته.
ورغم محاولاته في خطابه الأول تهدئة مخاوف الكثيرين، فإن علاقته بجماعة الإخوان المسلمين راسخة وتبرر مخاوف الكثيرين من الذين صوتوا لصالحه وكذلك الذين صوّتوا لمنافسه أحمد شفيق والذين قاطعوا الانتخابات. ويقال إن مرسي استقال من جماعة الإخوان المسلمين التي يبلغ عمرها 80 عاماً. ولكن هذه الخطوة تظل رمزية ولا تكفي لتبديد المخاوف لدى عدد كبير من العلمانيين والليبراليين في مصر. وهذه المخاوف هي التي دفعت عدد كبير من السياسيين في مصر إلى الإعلان عن تأسيس «الطريق الثالث» في أول خطوة من جانبهم لتأسيس معارضة قوية في البلاد.
كل العيون ستتجه إلى مرسي في الوقت الذي يتولى فيه المسؤولية الثقيلة. والحقيقة أن الرئيس المصري الجديد يواجه مهمة ثقيلة للغاية. فالرجل يبدأ حكمه بدون وجود برلمان يتولى السلطة التشريعية وكذلك بدون دستور مناسب يحكم به. وعليه أن يتعامل مع خلفيته الخاصة وكذلك تاريخه السياسي لكي يصل إلى درجة من التوازن المطلوب لضمان الاستقرار.
أنصار الرئيس المنتخب الذين يطالبون بإسقاط الإعلان الدستوري المكمل الذي يعطي صلاحيات واسعة للمجلس العسكري يستعدون للعودة إلى ميدان التحرير في أقرب وقت للاحتجاج على الرئيس. وقد حاول مرسي الوصول إلى حل وسط بين مطالب الميدان والشارع من ناحية حقائق القانون والوضع الدستوري من ناحية فأدى يميناً دستورية في ميدان التحرير يوم الجمعة وذهب إلى المحكمة الدستورية ليؤدي اليمين الرسمية في اليوم التالي.
ولكن ما زالت التحديات التي تنتظره كثيرة ومعقدة.. والكل يترقب ماذا سيفعل في أول 100 يوم له؟!
(حريات دايلي نيوز) التركية