كثيرة هي الأنظمة التي تعلن بين فترة وأخرى، وعند الإعلان نجد أن الناس تهلل وتكبر لهذه الأنظمة وتستبشر خيراً ظناً منها أنها ستسهم في توفير الرفاهية والعيش الرغيد للكادحين والباحثين عن أبواب رزق تسهم في توفير مصدر دخل لهم يعينهم على مصاريف
الحياة التي تشهد غلاء فاحشاً يوما بعد يوم.
ويسارع الكثير من المختصين فور إعلان تلك الأنظمة إلى إطلاق التصاريح الإعلامية لتمجيدها والتأكيد أنها ستسهم في تعزيز مكانة الاقتصاد وتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل وزيادة الدخل القومي وارتفاع سوق الأسهم وتنشيط السياحة وخفض الأسعار وغيرها من المبشرات التي قد لا تكون في الأساس لها صلة بما أعلن من أنظمة ولكن فقط للتأكيد أن هذا النظام المعلن هو نظام سيكون له أثر إيجابي، بل إن بعض المراسلين الصحفيين تجدهم قد أخذوا ضوءاً أخضر من بعض المسؤولين بأن يشيدوا بأي نظام يصدر حتى لو لم تكن لهم صلة من قريب أو بعيد بهذا النظام.
لاشك أن ما يعلن من أنظمة يسبقه الكثير من الجهد والعمل والدراسة والتشاور بين مختلف الجهات المعنية مباشرة بصدور تلك الأنظمة، وقد يرفع ذلك النظام ليدرس من قبل جهات أخرى مثل مجلس الشورى أو هيئة الخبراء أو غيرها من الجهات التي يمكن أن تسهم في تقييم هذا الأمر، غير أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم تقييم أثر تلك الأنظمة بعد إعلانها للتأكد من تطبيقها أو عدم تطبيقها، إضافة إلى تقييم الفائدة من تلك الأنظمة وهل أسهمت فعلاً في تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها أم لم تسهم في ذلك.
مؤخراً تم صدور خمسة أنظمة جديدة تتعلق بالتمويل العقاري وذلك في إطار التطوير الاقتصادي الذي تشهده المملكة من أجل وضع آليات منظمة لتمويل الإسكان في المملكة بأسلوب يضمن حقوق كل الأطراف ويحد كذلك من تكلفة التمويل العقاري، وعلى الرغم من الخطوة الإيجابية لصدور هذه الأنظمة غير أنها ليست مكتملة إذ سيعقبها لوائح تنفيذية أخرى تحتاج إلى إصدار مما يعني أن الأنظمة المعلنة للآن ليست مكتملة.
وفور صدور هذه الأنظمة بادر بعض المختصين بالإشارة إلى أن هذه الأنظمة ستسهم في دفع السوق العقارية نحو آفاق أوسع يمكنها أن تؤدي لتبديد التوقعات بحدوث أزمات من جراء الفجوة بين المعروض من السكن والطلب المتزايد عليه جراء تزايد عدد السكان المتوقع، وأشار آخرون أن هذه الأنظمة ستحول بين ظهور طفرات سعرية في أسعار الوحدات العقارية بما تقدمه من تسهيلات تمويلية لراغبي تملك المسكن والبعض يؤكد أن ما ستوفره هذه الأنظمة من سبل للتمويل العقاري إضافة إلى ما يقدمه صندوق التنمية العقارية من قروض ستؤدي إلى طفرة عقارية مقبلة سيكون لها إيجابياتها على المواطن ستسهم في تحقيقه لحلم السكن بكل يسر.
ومع هذه الروح الإيجابية المتفائلة تجد أصواتا أخرى تعلو مشيرة إلى وجود مخاوف من ظهور مضاربات شرسة وارتفاع أسعار الأراضي نتيجة زيادة الطلب على العقارات، مشيرة إلى أن صدور الأنظمة سيحفز البعض على رفع الأسعار نتيجة زيادة الطلب على المساكن، بل إن أحد التقارير المالية الصادرة من إحدى المؤسسات يشير إلى أنه على الرغم من أن قانون الرهن العقاري سيسهم في معالجة مسألة التمويل إلا أن ذلك ينعكس فوراً على توافر المساكن أو مقدرة المواطنين على شرائها وربما يؤدي ارتفاع الطلب الناتج من توافر الرهون إلى رفع أسعار المساكن على المدى القصير وربما يتسبب في رفع تكلفة الأرض وهو أمر يشكل عائقاً أمام توافر المساكن لذوي الدخل المحدود.
ويبقى المواطن البسيط العادي في حيرة لتحليل أثر هذه الأنظمة وغيرها على حياته اليومية وعلى أن يحقق حلمه في أن يتملك مسكنا له ولعائلته بسعر يتناسب مع دخله ويزيح عن كاهله ثقل الإيجار السنوي.