|
يعتبر مهاجم النصر الدولي في التسعينيات الهجرية من القرن الماضي المعروف (محمد سعد العبدلي) واحداً من أبرز مهاجمي تلك الحقبة الفارطة, وأكثرهم إثارة خاصة بعد حادثته الشهيرة التي أدت إلى وفاة أحد لاعبي الحي في الملعب..!! ودخول ثلاثة أندية كبيرة لضمه بعد اكتشاف قدراته الفنية الخرافية وبراعته التهديفية في عمره الرياضي المبكر.. الدكتور أمين ساعاتي المؤرخ الرياضي المعروف خص (الجزيرة) بقصة الحادثة الشهيرة للنجم الكبير محمد سعد العبدلي وملاحقة ثلاثة أندية للظفر به.. يقول قاضي التاريخ الرياضي أبو تميم.. في النصف الثاني من عقد الثمانينيات الهجرية كنت أقضى «الويكند» في ربوع الطائف المأنوس، وذهبنا في العصر لمشاهدة إحدى مباريات فرق الساحات الشعبية، وكان من بين اللاعبين لاعب يدعى محمد سعد العبدلى، وأثناء اللعب دنت كرة لمحمد سعد أمام مرمى خصمه فوضع في الكرة كل قوته، وقذف بها في أحشاء حارس المرمى الذي أمسك الكرة وسقط على الأرض مغشياً عليه، وعبثاً حاول زملاؤه إفاقته ولكنه لم يفق وظن اللاعبون بأنه فاقد الوعي، وبدأ الهلع يدب في أوصال اللاعبين وتصايحوا إسعاف.. إسعاف، وأسرع أحد أصدقائه وهرول بسيارته إلى داخل الملعب وحمل حارس المرمى المغشي عليه وذهب به إلى مستشفي الملك فيصل العام بالطائف، وهناك فوجئ اللاعبون بأن زميلهم قد فارق الحياة، ووقف الجميع في حالة ذهول وطلبوا البوليس للوقوف على الحالة التي لم تعد حالة رياضية، بل أضحت في الواقع حالة جنائية وقعت في الملاعب الرياضية ولأنها حالة جنائية ألقي القبض على محمد سعد، وظل رهن التحقيق في شرطة الطائف.
وفي اليوم التالي كتبت الصحف عن محمد سعد وعن القوة التي يتمتع بها في ضرباته الساحقة، وفي ضحى اليوم التالي كان الأهلاويون في الطائف يساعدون في حل مشكلة النجم الواعد محمد سعد الذي قدمته الصحافة كنجم صاحب الضربة القاتلة، وفعلاً انتهت المشكلة بالتسوية مع أهل الفقيد، ثم نزل محمد سعد إلى جدة ووقع في سجلات النادي الأهلي بجدة.. ولكن يبدو أن محمد سعد لم ينسجم مع الأهلاويين، وأخذ يتغيب عن التمارين ويتمرد على الأهلي، وأمام هذه المشكلة فكروا أن يهدى بطاقة محمد سعد لنادي الهلال بالرياض في مقابل أن يحصل على بطاقة محمد مطر (الكبش)، وكانت الأجواء بين الأهلي والهلال عامرة بالتفاهم والمودة، وكنت أنا على سفر إلى الرياض للالتحاق بدورات في معهد الإدارة العامة فطلب منى أن أسلم أوراق محمد سعد يداً بيد إلى الأستاذ عبدالرحمن بن سعيد، وفعلاً سلمت أوراق محمد سعد يداً بيد إلى الأستاذ ابن سعيد وسجل الكبش للأهلي، واستعد الهلال لتسجيل محمد سعد في سجلاته، ولكن المفاجأة أن محمد سعد لم يسجل في الهلال، فقد قام كوماندوز من النصر بطرق باب الشقة التى استأجرها الهلال لمحمد سعد ودعوه إلى زيارة النادي، وفعلاً ذهب محمد سعد في منتصف الليل إلى نادى النصر والتقاه الأمير عبدالرحمن بن سعود وتم الاتفاق على التسجيل للنصر وليس للهلال.
ومن ناحيتهم فإن الهلاليين ظنوا بأن محمد سعد ينتظرهم في الشقة التي استأجروها لمحمد سعد ليأخذوه في اليوم التالي إلى مكتب رعاية الشباب للتوقيع للهلال، ولكن المفاجأة أن الهلاليين تعبوا من طرق باب الشقة التي كان يسكنها محمد سعد، ثم تفاجأوا بأن محمد سعد لم يبت في الشقة وإنه كان في ضيافة منافسهم نادي النصر الذي أحكم الخطة لتسجيل النجم محمد سعد الذي أصبح نجم الصحافة الرياضية بعد أن كان نجماً للساحات الشعبية.
في اليوم التالي ركب الأمير عبدالرحمن بن سعود الطائرة وحط رحاله في مدينة جدة، ثم اتجه إلى قصر الأمير عبدالله الفيصل، وفي التو استقبله الأمير عبدالله الفيصل واقترب منه الأمير عبدالرحمن وقال له في صوت هامس: أنا جئتك في بيتك وأقصدك في طلب اللاعب محمد سعد أرجو أن لا تردني إلاّ وأوراق محمد سعد في يدى، وقال الأمير عبدالله: ولكن أعطينا أوراقه للهلال، فقال له الأمير عبدالرحمن: لا تردني يا ابن عمى خائباً فإننا نحتاج إلى محمد سعد ونفتح صدورنا وقلوبنا لأيّ طلب يتقدم به الأهلى.
وعندما سمع الأمير عبدالله هذه العبارات من ابن عمه الأمير عبدالرحمن بن سعود أخذ يتحسس الموقف من كل جوانبه، ثم قال للأمير عبدالرحمن: يا عبدالرحمن لم تترك لي خياراً إلاّ أن أوافق على إعطائك أوراق محمد سعد، فهي رخيصة أمام طلب يأتيني من أخٍ غال.
وهكذا استلم الأمير عبدالرحمن بن سعود أوراق محمد سعد وسجله في اليوم التالي في سجلات النصر، ثم قدمه هدية للمنتخب السعودي ليسجل معظم أهداف منتخبنا الوطني ويحقق الكثير من انتصاراته.. إنها واحدة من مباريات الهلال والنصر التي لم تقم في الملاعب ولم يحضرها جمهور.