|
المدينة المنورة - الجزيرة:
غيَّب الموت فجر يوم أمس الخميس الأديب الرائد - محمد العيد الخطراوي أحد أبرز الأدباء السعوديين والأساتذة الجامعيين الرواد في مسيرة أدبنا الوطني.. وقد اشتهر الراحل بموسوعته العلمية وأستاذيته في أكثر من مجال معرفي حيث نال مبكراً شهادات جامعية في تخصصات مختلفة: في الأدب والتاريخ وعلوم الشريعة إضافة إلى دراساته العليا في الأدب العربي التي نال بموجبها شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة الأزهر عام 1400هـ.
كما عمل مبكراً في سلك التعليم العام في المدينة المنورة وفي محافظة المجمعة ثم أستاذاً للأدب العربي في الجامعة الإسلامية ثم في كلية التربية فرع جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة والتي أصبحت فيما بعد نواة لتأسيس جامعة طيبة.
صدر للراحل ما يقرب من خمسين كتاباً في فنون المعرفة المختلفة في الشريعة والتفسير والتاريخ والشعر والنقد والمسرح والتحقيق.
وتُعد المدينة المنورة وحركتها الثقافية مشروعه المعرفي من خلال السلسلة التي أصدرها عن الحركة الأدبية والثقافية فيها منذ العصر الجاهلي حتى العصر الحاضر والتي بلغت حوالي 20 كتاباً.
كما قام بتحقيق دواوين اثنين من أبرز شعراء المدينة المنورة هما إبراهيم الاسكوبي ومحمد أمين زللي وكذلك فعل مع القاضي المدني محمد عالم أفغاني حيث جمع إنتاجه وقدم له وأخرجه في كتاب كما جمع إنتاج الأديب المؤرخ محمد سعيد دفتردار وأصدره في كتاب آخر وفعل الأمر نفسه مع الشاعر والأديب المدني عبد الرحمن عثمان.
كان أحد أبرز أعضاء أسرة الوادي المبارك الجماعة الأدبية التي نشأت في المدينة المنورة عام 1371هـ إلى جانب كونه عضواً مؤسساً لنادي المدينة المنورة الأدبي ويعده النقاد والدارسون من أبرز شعراء جيله ومن أميزهم فنياً كتب القصيدة البيتية وقصيدة التفعيلة وكتب في كل الاتجاهات الموضوعية في الشعر وتميزت تجربته الشعرية بتطورها ومواكبتها للتشكيلات الجمالية في الشعر الحديث كما كتب ملحمة تُعد من عيون الشعر السعودي في هذا الاتجاه وهي أمجاد الرياض.
ومن إسهاماته المبكرة في النقد كتابه (شعراء من أرض عبقر) الذي كان برنامجاً إذاعياً قدمه خلال التسعينيات الهجرية من القرن المنصرم ثم رأى جمع مادته في جزأين أصدرهما نادي المدينة المنورة الأدبي ويشتملان تراجم وتعريفاً وافياً بأبرز الشعراء السعوديين من جيل الرواد ومن بعدهم وإبراز الملامح الموضوعية والفنية في شعرهم ونماذج منه.
وقد عمل الراحل على العناية بالمسرح المدرسي والتمكين له منذ كان معلماً في مدرسة طيبة الثانوية بالمدينة المنورة إلى جانب الراحلين عبد العزيز الربيع وأحمد بوشناق.
ظل طوال حياته الحافلة بالعطاء والإنجاز فاعلاً ومؤثراً في جميع الفعاليات والمناشط الأدبية والثقافية داخل المملكة وخارجها.
نال - رحمه الله - جائزة السيد أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية في دورتها الأولى كما نال جائزة الأمير سلمان في تاريخ الجزيرة العربية وكرّمه نادي المدينة المنورة الأدبي تقديراً لإسهامه العلمي وعطائه الأدبي الرصين.
وقد ظل - رحمه الله - قريباً من النادي حفياً به وببرامجه حتى بعد خروجه من مجلس إدارته حيث تفضل بالعمل مستشاراً لدوريتيه الأدبيتين العقيق والآطام.
وكان آخر الأنشطة التي شارك فيه قبل شهرين من وفاته استضافته لجماعة النادي وجمهوره في منزله وحديثه لهم عن بداية أسرة الوادي المبارك ودورها الأدبي والثقافي التي فقدت بموته آخر من تبقى من مؤسسيها.
كان متواصلاً مع الوسط الثقافي والأدبي وكان بيته صالوناً أدبياً يستقبل فيه الأدباء وأعيان المجتمع ومنهم ابنا الشاعر المدني عبد الرحمن عثمان.. الدكتور زاهر عثمان والأستاذ - أنس عثمان وكان آخر من استقبلهم في بيته الكاتب حسين علي حسين والشاعر بشير سالم.
رحم الله فقيدنا الغالي وأسكنه فسيح جناته إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .