الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح الحميد رئيس محكمة الاستئناف عضو المحكمة العليا أن حفظ القرآن منذ الصغر يمتاز بأنه أسرع وأثبت وأقوى وأرسخ، وذلك لأن الصغير يمتاز بصفاء الذهن وتكون مشاغله في الحياة أقل بكثير من الكبير، فليس لديه ما يشغل فكره ويشوش عقله فيتفرغ لحفظ القرآن الكريم، كما أشار إلى ذلك ابن خلدون بقوله: (إن التعليم في الصغر أشد رسوخاً وهو أصل لما بعده)، وقد قيل: «العلم في الصغر كالنقش على الحجر». كما أن الدراسات المعاصرة أثبتت أن حفظ القرآن الكريم في المراحل الأولية من التعليم من أهم أدوات تنمية الذكاء لدى الأطفال
وله أثر على ملكات ومهارات مهمة يحتاجها التلاميذ، فهو ينمي التفكير العلمي لدى الطفل، وينشط عقله وقدراته الذهنية ويعطيه ملكة في الحفظ وقوة في الذاكرة، ويسهم بدوره في التنشئة الكاملة له منذ عهد طفولته المبكرة، كما أثبتت بعض الدراسات لأساتذة في علم النفس أن حفظ القرآن الكريم وإدراك معانيه ومعرفتها معرفة كاملة يوصل الصغير إلى مرحلة من الذكاء وبدرجات مرتفعة، وقد اتضح أن غالبية كبار علماء المسلمين وأدبائهم كانوا يحفظون القرآن الكريم منذ الصغر. وقال فضيلته - في حديثه عن حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة - أن حفظ القرآن الكريم في مقتبل العمر ومطلع الشباب تأس بالسلف الصالح، وسير على جادتهم وطريقهم، وسلوك لهديهم، فقد كانوا يبدؤون بحفظ القرآن الكريم قبل سائر العلوم، ويعتنون به قبل بقية الفنون، وما أن تقرأ في ترجمة أحد أهل العلم إلا وترى في سيرته أنه حفظ القرآن الكريم ثم ابتدأ في طلب العلم، فقد كانوا -رحمهم الله تعالى- يحرصون على تعليم أبنائهم القرآن في سن مبكرة لأنه أدعى للحفظ والفهم والإتقان، وقد بوب البخاري في صحيحه «باب تعليم الصبيان القرآن» وكان من شروطهم في طلب العلم تعلم القرآن وحفظه أولاً، يقول الإمام النووي «كان السلف لا يعلمون الحديث والفقه إلا لمن حفظ القرآن»، ويدل على هذا قول الوليد بن مسلم: كنا إذا جالسنا الأوزاعي فرأى فينا حدثاً قال: يا غلام قرأت القرآن؟ فإن قال نعم، قال: اقرأ، وإن قال: لا، قال: اذهب تعلم القرآن قبل أن تطلب العلم.. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما طلب حفظ القرآن الكريم فهو مقدم على كثير مما يسميه الناس علماً، ثم يقول: وهو أصل علوم الدين، وقال ابن عبد البر: القرآن أصل العلم فمن حفظه قبل بلوغه ثم فرغ إلى ما يستعين به على فهمه من لسان العرب كان له عوناً كبيراً على مراده منه، وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في قصيدته النونية:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى
فالعلم تحت تدبر القرآن
وسأل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن حميد ـ في نهاية حديثه ـ الله أن يصلح أولادنا وأن يهديهم طريقه المستقيم، وأن يحفظهم من مضلات الفتن والأهواء وأن يجعلنا وإياهم من حفظة كتابه العاملين بما فيه، كما أسأله تعالى أن يجزي حكومتنا الرشيدة خير الجزاء على ما توليه من اهتمام ودعم وتشجيع للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وأن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.