تلقيت رسالة عبر مساحة التعليقات في الصفحة الرئيسية بصحيفة فنون الخليج الإلكترونية التي نشرت فيها مشكورة خبر ترؤسي للجمعية السعودية للفنون التشكيلية، وشعرت أنّ لهذه الرسالة وقعاً خاصاً، كونها جاءت من مغترب سوري، يشاركنا هموم هذا الفن، كما نشاركه وكل أهل سوريا هموم ظلم وجور نظام لا يرحم، يعيش على دماء شعبه.. جاءت الرسالة تحمل صدق أواصر العلاقة بين أبناء بلدين شقيقين، تحمل مشاعر فيّاضة رغم أنني لا أعرفه مسبقاً، فكان تأثيرها أجمل، أدعكم مع الرسالة دون تدخُّل، ففيها من الآراء والنُّصح ما لم أجده من البعض داخل الوطن..
• الأستاذ محمد المنيف المحترم:
اسمح لي أن أزف لك أجمل التهاني في مناسبة تعيينك رئيساً لمجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية.
مهمة هامة وفرصة ممتازة ينالها الذين عملوا وعاشوا في سبيل الفن التشكيلي. وبصفتي فناناً وناقداً تشكيلياً، لي الشرف أن أقدم التهاني للفن السعودي ككل في هذه المناسبة، أنا لست سعودياً لكن يسعدني سعادة زملائي الفنانين في أي مكان، وأنا متأكد بأنّ الفنان السعودي سيجد تميزاً خاصاً في بلده حين يكون قائدهم ناقداً تشكيلياً. من الواضح أنه سيدعم الفنان العامل، الفنان المبدع، الفنان المنتج، وسيدعم الفن الصادق. لقد مضت سنين على الفن العربي وأنجبت فنانين من طلائع الفن العالمي، لكن ايضاً وصل عدد كبير من الناس يُقال عنهم فنانون، لكن دون أن يقدموا ثروة فنية. هذه المجموعة أثبتت وجودها لأسباب لا تخضع للفاعل الإبداعي، وهي التي شوّهت كثيراً من الفن بصورة عامة.
حدث هذا الخلل لعدم وجود الأفراد المؤهلين في ثقافة عالمية من الفن التشكيلي. هذا الضعف جعل من الفن العربي أن يأخذ اتجاهات قليلة ومقيدة في الإعادة التكنيكية. وفي كثير من الأحيان الإعادة في موضوعية الهيكل. حتى وصل الفنان المبدع أن يتجاهل ما يجري في الأبعاد الأخرى، لأنه تم تصنيفه في يوم من الأيام أنه فنان ماهر.
هنا تأتي أهمية الناقد حين يكون نقيباً للفنانين، من الصعب أن يتخلّى عن نظرته النقدية، ومن الصعب أن ينسى ثقافته البصرية، وهكذا لن يتقاعس عن رفض العمل إذا كان ذلك العمل قد أتى مأخوذاً من منجزات الآخرين. المعارض هي التي تغذّي الإبداع في الحاضر وفي المستقبل، وهي اللغة الثقافية في كل بلد. ويكون لها رد اجتماعي حين تفقد الهوية الفنية.
أتمنى للزميل الأستاذ محمد المنيف النجاح في مهمته وأنا واثق بأنه سيكون ناجحاً وسيأخذ الفن التشكيلي السعودي لأبعاد طويلة. نأمل منه أن يؤسّس محوراً للناقدين التشكيليين، وملتقى سنوياً، وأن يكون لهم معرضاً نظرياً خاصاً. ومسابقة ذات وسام. تقديراً لما يعطونه من ساعاتهم الطويلة في الفن التشكيلي. وأن يشاركوا بها من عامة الوطن العربي.
أشكر فن الخليج الذي سمح لي أن أقدم التهاني في البداية، وأن أعطي لمحة عن مشقات عامة كانت في الأمس وإنشاء الله لن تبقى في المستقبل. وهي أن تكون الفرصة للجميع، وأن يكون العمل الفني هو الناطق في مقدمة كل فنان.
نتابع أخباركم ونشعر السعادة في نجاحكم. مع تقديري واحترامي.
monif@hotmail.comالفنان والناقد التشكيلي عبد القادر الخليل