يصدف أثناء تنقلي من الرياض إلى بعض مدن المملكة أن أضطر لركوب تاكسي، أو في حال عدم وجود تاكسي قريب أضطر إلى الركوب مع أصحاب السيارات الخاصة ممن يطلق عليهم “الكدادة”،
هؤلاء “الكدادة” الذين كثيراً ما يتخفون من رجال المرور لديهم الكثير من القصص الطريفة التي استمع إليها أثناء الطريق من مطار الملك خالد الدولي بالرياض إلى منزلي داخل الرياض.
ومن هذه القصص الطريفة التحايل الذي يحيكه بعضهم على “ساهر”، حيث أكد لي أحدهم أن ساهر لم يتمكن من اصطياده حتى الآن بحكم أنه حفظ أماكن وجوده، فإذا اقترب من كمراته قام بتخفيف السرعة، ثم بعد ذلك ينطلق بحرية. لكن يؤكد أنه مع ذلك كله لم يسلم من البوليس السري، الذي قام بإعطائه مخالفات لأكثر من مرة.
أعتقد أن مثل هذه القصص تشير إلى مسألة خطرة، والتي ترتبط ارتباطاً كبيراً بوعي المواطن بأهمية النظام، فلا يكفي أن يكون هناك نظام صارم مثل ساهر الذي أزعم بأن كمراته لا تحابي أحداً. ولكن وبصرف النظر عن السلبيات التي يتحدث عنها الكثيرون حول نظام ساهر، إلا أننا في هذا الصدد نود الإشارة إلى حاجتنا الماسة للتوعية أولاً، وقبل تطبيق النظام، لزيادة الحس لدى كل مواطن بأهمية التقيد بالأنظمة. فلا يكفي أن نطبق نظاماً جديداً يعمل كثير من الشباب على التحايل عليه، وقد شاهدنا جميعاً التصرفات - غير المسئولة - من شباب صغار في السن على “اليوتيوب” وهم يقومون بطلاء كمرات ساهر برشها بالبويا البخاخة باللون الأسود. وهذا يشير أيضاً إلى أهمية الوعي، وأهمية إيمان المواطن برسالته الوطنية، والتي تجعله يدرك أن المحافظة على النظام تمثل جزءاً من رسالته ومحبته للوطن.
هذا جانب، الجانب الآخر هو ما يتعلق بهؤلاء الشباب “الكدادة” أنفسهم الذين يضطرون للعمل - خارج الدوام - إذا كانوا موظفين، وهم بطبيعة الحال أحسن حالاً ممن ليس لديه وظيفة مطلقاً، ويضطر إلى القيام باستئجار سيارة من شركات تأجير السيارة بمبلغ لا يقل عن 1900 ريال في الشهر، ويقوم بالعمل عليها كسيارة أجرة، لكن يظل مخالفاً للنظام، ويظل يتستر، ويعمل في الخفاء، وهاجسه الدائم ألا يقع في قبضة رجال المرور.
مثل هؤلاء، لماذا لا يعمل لهم تنظيم خاص يسمح لهم بمزاولة مثل هذا العمل، ولماذا يظل هذا العمل مخصصاً لسائقي التاكسي الذين يجب أن تنطبق عليهم شروط خاصة، أهمها وجود رخصة عمومي، وسيارة تاكسي يمتلكها هو أو تمتلكها شركة خاصة - شركات اللموزين؟! المسألة بهذا الشكل تضع العراقيل أمام مثل هؤلاء الشباب، خصوصاً أولئك الذين يعملون خارج أوقات دوامهم. فمثل هؤلاء أغلبهم يعملون في أعمال بسيطة، كحراس أمن أو سعاة في الشركات الخاصة أو العامة، ورواتب مثل هؤلاء لا تكفي لصرفها على بنزين سيارته ودفع إيجار المنزل، فماذا يصنع؟
أعتقد أن قيامهم بالعمل بهذه الطريقة شرف لهم، فهم يعملون من أجل سد حاجتهم، لكن النظام يظل عائقاً، ويقف في طريقهم.
أتمنى من الجهات المختصة أن تجد السبيل لتعديل النظام الخاص بهذه الفئة من الشباب، وأن يصبح متاحاً للجميع منهم في ظل النظام ممارسة مثل هذه الأعمال البسيطة التي تساعدهم على بناء ذواتهم، وعلى تحقيق ولو قدر يسير من أحلامهم التي في جلها - حلم الزواج، وشراء سيارة، ثم التفكير فيما بعد بامتلاك منزل أو شقة يعيش فيها مع أبنائه، وهو بهذا العمل يسد حاجته، ويستغني عن اللجوء إلى الاستدانة، أو الانحراف عن طريق مد اليد أو السرقة.
Kald_2345@hotmail.comk-khodare@hotmail.com