سعادة الأستاذ خالد المالك .. رئيس تحرير صحيفة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حول ما كتب الأستاذ د. عبد الله بن عثيمين، وعلى مدار حلقتين - وربما ثلاث - في الوضع الحالي بالشام وهو يشير إلى الواسعة (الهلال الخصيب)، ومن جُرح ذاك الواقع الكثير نزيفه للآن، ومن هذا الكثير أدلي بهذه الزاوية منه.
بدءاً.. لترادف العبارة أقصد (العنوان).. ملحظ، إذ هناك الحرب الخفية، والخدعة الخفية، بل (الكاميرا الخفية) التي لم تَعُد (خفية) وقد استمسجها الناس، حتى لم يُعد لها أنفاس
لكن عنواني هنا، أُدلية قصداً، بالتالي:
إنّ حديث سدنة الغرب.. عن (بعض) نجاح لمهمة عنان.. لا تنبئ إلاّ عن إيحاء ظاهر ذهب إليه نوعية من المحللين من ذوي الفراسة (عنوة).. وهو: أنّ الغرب بقيادة أمريكا اليوم يسعى إلى (إنهاك الأسد.. لا إنهائه) وضع أيها القارئ تحت كلمة (إنهاك) عشرة خطوط!
وبينهما (فرق) بل.. كبُعد المشرقين، إذ على مدى أكثر من شهرين تلقى خطة عنان بمدٍّ لمن استساغوها، وجزر لمن ظهر لهم بوارها!
ثم وبعد أن يذوي - أي نظام الأسد - شيئاً فشيئاً، عنده يُنحَّى الرئيس وهذا الذي بدأ بشائره، فالمشروع المزمع بسطه بين بوتن وأوباما في لقائهما القادم، يقوم على تنحية الأسد، بشخص آخر، ثم (أقولها من عندي): إعطاء بعض الحريات الشكلية - كما اليمن اليوم -!
فينضوي بعدها (الشعب السوري) المنهك.. عن مهمته العربية والإسلامية - كحال العراق في غالبه اليوم - إلى (همِّ) إعادة إعمار بلادهم، والذي (قد) يحتاج إلى عقدين من الزمن تستريح به إسرائيل - آخر راحة - من النظام القادم وآماله الحقّة بأمّته!
و(عقدان) للعلم.. على أقل تقدير، فهذا (عارف دليلة) المعارض المعروف والخبير الاقتصادي - البارع - يصف منتج الوضع بأنه، كلف 100 مليار (دولار) و25 سنة للوراء.. أو قادمة للإعمار - طبعاً هذا عدا (كما هو أولى) أعني به: خسائر الأرواح - مع ما طالهم سلفاً من الحالة المتردية للكرامة البشرية بعامة هناك.
وهذا ليس الوحيد، بل إن الأدهى منه والأمرّ هو أنه (وبنفس الوقت) - أي عندما - يُملي على النظام القادم شروط (ثمن) الخلاص من الأسد، أقصد.. كأحد التبعات (الفواتير) التي على النظام القادم - الجديد - دفعها.
يعضد لي بها الاستنتاج ليس من فراسة..
حين أشاهده ظاهراً في حال المشهد السياسي بمصر،.. أو من أكبر ما يلاحظ عليه،.. هو أنّ (المجلس العسكري) بمصر اليوم، نحّى أو سوف ينحّي أي رئيس قادم ما لم يفهمها، أي (يدخل من تلقائه في جراب اللعبة الدولية) أي: التفاهم مع الغرب.!.
ولذلك دُفع أو ثُبّت عنوة (د. أحمد شفيق) احتياطاً، وها هو يحاول بشتى السبل لإيصاله الكرسي (ولو) جسداً، ثم من خلفه إتمام باقي المهام.
نخلص من هذا.. وهذا هو عين المقاصد في غالب ما تقدم:
هو.. وجهٌ لإحباط إنماء الربيع العربي، أو .. إقصاء منتجه الحقيقي.. بخاصة وقد (وصل) اليوم هذا الربيع/ إلى ربيبتهم جارة إسرائيل: سوريا.. من أن يقف في محطتها لزاماً، هذا الأول.
.. وقد تضعضع مسرى ذلك (الربيع) كثيراً - من قبلُ - باليمن!
والمنحى (المكمّل لهذا) هو ما يدور أو ما يراد لخطة (عنان) الميتة أصلاً في (سوريا)! وإن كانت بالفعل قد (خففت - حتى لا نظلم - من استخدم السلاح الثقيل) هذا ما أدلى به عنان .. لكنه لم يقف النظام عن الاعتقالات - الواسعة - حسب تعبير عنان .. أيضاً.
والثاني.. أن أي نظام يُبنى من خلال ذاك الربيع، ملزم أن يدخل في المعمعة التي كانت عليها النُّظم - سابقتها - من قبل.
لكن يبقى حظ الشعوب منها (صورة) جبر خاطر لتضحياتها:
بشيء من تخفيف يد الأمن عليها (فقط)، مع التلبيس عليها بتزييف (الديمقراطية) الموعودة، أو تشرّب تلك المنى.. التي دُفع لها (ثمناً باهظاً): كل هذه التضحيات..!، وما (المالكي) بالعراق إلا صورة منسوخة، - ولن أتجاوز فأقول ممسوخة - لهذه النوعيات من الديمقراطية..
طبعاً هذه التي أثيرها ليس جزماً، لكنها بوادر قاربة الينع.. للعين المبصرة، أو شبه مشاهدة، إن لم تكن هي عين.. الواقع.
فـ/ أحياناً.. إن لم يكن بالغالب يتضح بعض خيوط (المؤامرة)، هذه اللفظة التي.. الكثير لم يعد يكترث بها، بل قد لا يستسيغها - لكنها موجودة..، فعدوّك مهما تواطأ لقوتك، لن يدع أي فرصة تُركبه صهوة فرسك إلا.. وفعل - المهم أن السؤال هنا:
هل بيننا - من حاكم.. و(محكوم) - ذلك (الذكي) الذي يستشرفها بعين البصير، فيحتاط لها قبل أن تقع!
أو على الأقل.. تجد بيننا ذاك (السوي) الذي يُحسن التعامل معها.. حال وقوعها، إن في استثمارها إلى ليّ خطّها لصالحه، أو.. يتلاحق فيفوّت على العدو سنحة مرامية منها!.. من أن يحقق أهدافه!
أو يدعه يتعمق في الإشكال موغلاً - إن لم يستفد (أقصد العدو) من حدوثها في الغالب قاطبة - كحال أمريكا.. في أفغانستان..
أو.. ومع الأسف نكون (.. من حاكم ومحكوم).. مع ذاك الذي يعين على الأمة - إن بجهل أو بعلم - تحقيق مرامي العدو، فيهديه الفرصة تلو.. الأخرى!
بدلاً من أن يفوّتها عليه، وحق لك بعداً أن تتحقق:
إذا اشتبكت دموع في خدود
تبيّن من بكى .. ممن تباكا
على الأمة بحق، وبأحلامها.. وأمانيها، من ذاك الدعيّ الـ...!
لكن.. ولا شك أنه وفي (خضم) الإشكال قد لا يتبيّن كثيراً العون من الفرعون!
لكن الذكي - الألمع - هو الذي يُحسن استقراء الحال، فـ(يمايز) بين ألوان الخيوط!، فإن كان بلغها من الحاكم فنعمّا هو..
وإلا.. فعلى الشعوب (إن فات ذاك على القيادة)، لزاماً الوقوف على أبعاد (اللعبة، فتنفض كعصفور بلّله القطرُ.
حين تعي ما يراد بها، فتعدّل من مسار خط الثورات (ولعل الحادث الآن بمصر هو .. من ذاك الوعي).. مع الدماء التي تُدفع من قِبلها (خصوصاً ما حدث مؤخراً أمام وزارة الدفاع).
بل إني لأحسبُ أن لا ملجأ أو عاصم للشعب المصري - بعد الله - من خلاص لشراكها بالأخص من هذه اللعبة سوى:
في استمرار مليونيات كل (جمعة)، بل.. وتواترها، ولو لحماية المكتسبات التي دُفع لها الثمن - الباهظ -.
حتى يقف (الشعب) بنفسه على المنتج، أو مغشوش، أم..
ثم..وبعد.. فعل هذه - المليونيات - السبب، عندها بل معها.. يكون الاتكال على الله (وبحق).
فنحن أُمرنا دائماً بأمرين متعاضدين، العمل.. ثم الاتكال على الحي القيوم، فبعد العمل نعقد النية: بالتوكّل على رب البرية.. فمتى تركنا أحدهما زلّ بالآخر..
فالعمل دون اتكال (خلل في المعتقد) وبالمقابل الاتكال دون عمل.. هو (خلل في العقل)، لذا طُلب منا الجمع بينهما، وإلا.. (فلا تلد المرأة إلا برجل، كما ولا يأتي للرجل بالولد إلا المرأة) فسبحان من خلق { الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} النجم: 45.
مع ملحظ.. إن كانت الصعوبات تفوق القدرات، تحسّبنا عندها على رب الأرض والسماوات {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} آل عمران173، أي.. وربي، أنه (نعم الوكيل)، وحسبه سبحانه بأمرنا،.. لأنه هو أعلم بحالنا من قبل ومن بعد.
وسبحان الله، فإنّ هذه الجملة الجليلة هي (جزء من آية) سلاح المضطهدين.. والمساكين معاً، فلا تزدري أثرها أبداً، فهي تكسر رؤوس الطغاة.
بل تسحقُ قلاعهم التي يتمترسون خلفها.. عن الأمّة!
عبدالمحسن بن علي المطلق