لنتفق بداية على أن الإعلام بكل أشكاله وصيغه المقروءة والمسموعة والمرئية هو أمر حيوي ومهم في المجتمعات الحديثة، بشرط أن يكون إعلاماً صادقاً حراً نزيهاً يعكس الحقيقة ولا يزيفها أو يحرفها لأي مصلحة خاصة أو أطماع شخصية فهو ينقل الأحداث بتجرُّد ويكشف الحقيقة التي قد تغيب عن صنّاع القرار ويساعد في تشكيل (الرأي العام) تجاه قضية تهم المجتمع وتمس أفراده وحياتهم اليومية والمعيشية.
هناك من يذهب إلى أبعد من ذلك ويُصنف الإعلام (كسلطة رابعة) تمارس دوراً في المجتمعات الإنسانية، نحن في المملكة نتمتع بحمد الله بإعلام محايد متجدد، نزيه ومتعقل إلى درجة كبيرة جداً في عكس هموم المواطن اليومية وبدرجة مقبولة من (الاحترافية) باحثاً عن الحقيقة ومُشبع لحاجات المتلقي.
بمجرد أن تُقلِّب صفحات (جرائدنا اليومية) ستجد أنها تعمل جاهدة على نقل الأخبار والمقالات والأحداث المحلية، تنتقد الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة ومسئوليها بكل شفافية، بل إنك تجد قضايا تطرحها الصحافة السعودية بكل تجرُّد، وردود وتوضيحات من هنا وهناك لكشف الحقيقة وتوضيحها للرأي العام، عملاً بالشفافية الإعلامية التي نعيشها اليوم، والتي تكفل الرأي والرأي الآخر فمن يُخطئ أو يُقصر في خدمة المواطن ويحيد عن الدور المرسوم له تجد الإعلام له بالمرصاد، ومن يتجنى من الإعلاميين أو يُبالغ في النقد بشكل غير منطقي تجد الردود والإيضاحات من المسئولين (تجلي الحقيقة) وتزيل ما قد يعتريها من (غبش) إنها منظومة متكاملة ومتناسقة تساهم في رقي المجتمع وتطور مؤسساته العاملة.
ولكن من المخجل أن (فوبيا الإعلام) عدوى انتقلت من القطاع العام سابقاً إلى القطاع الخاص حالياً حتى غاب عن بعض مسئولي (مؤسسات القطاع الخاص) الطبية والخدمية والتعليمية إدراك هذا الدور المهم الذي يلعبه الإعلام والذي تؤمن به الدولة وأجهزتها وتحث عليه، حتى إن الدولة خصصت (متحدثين رسميين) للجهات الخدمية الرسمية لإحاطة وسائل الإعلام بكل ما تحتاجه وتستفسر عنه من معلومات تهم (الشأن العام) والتجاوب مع الإعلاميين والرد على ما يُنشر عن هذه الجهات والمؤسسات من أخبار.
إلا أن بعض هذه المؤسسات الخاصة تصر وتتعمد (منع أي كاميرا) أو (صحفي) من ممارسة عمله الصحفي في نقل الخبر وكشف حقيقة أي قصور في الخدمة التي تقدمها رغم أن الصحفي يهمه تقييم ومراقبة (الخدمة العامة) للمواطن والمقيم ولا يبحث عن أسرار تمس هذه المؤسسات أو مصالحها الخاصة، العديد من هذه المؤسسات للأسف تنظر إلى أن وجود (الإعلامي) داخلها بمثابة (الخطر المحدق) الذي يجب التخلص منه ومنع حصوله على أي معلومة..!.
المنع من قِبل هذه المؤسسات الخاصة ليس حلاً، ولن يقف في طريق الحصول على (المعلومة المطلوبة)، وسيتمكن الإعلامي الحصيف من ممارسة دوره في تسليط الضوء على القصور وكشف الحقيقة حتى لو على طريقة (الإعلامي المتخفي)..!.
أعتقد أن على القطاع الخاص أن يؤمن بدور الإعلام ويستفيد من تجربة الأجهزة الحكومية في محاولة الوصول للشفافية المرجوة..!.
فنحن في عصر الإعلام يا باشا.. وإلا إيه رأيك؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com