تتحرك دولة قطر في مجالات عديدة بشكل لافت للاهتمام.. فهي الآن تتفوق على جميع دول مجلس التعاون الخليجي في إنفاقها على البحوث والدراسات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك ضمن أشياء أخرى ومؤشرات تؤكد عزمها على إيجاد نقلة تنموية شاملة. ولعل البعض منا يتذكر أنه أثناء مؤتمر الصناعيين الخليجي الثالث عشر الذي انعقد في الرياض في مطلع هذا العام 2012م، كان قد صدر تقريرٌ، ضمن فعاليات المؤتمر، ذُكِر فيه أن قطر أنفقت على البحوث والدراسات ما يعادل 2.8 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2009م، وهو معدلٌ ممتاز إذا علمنا أن متوسط ما تنفقه الدول المتقدمة هو 2.5 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي.. وهذا، على أي حال، لا يلغي الحقيقة المزعحة وهي أن إسرائيل تنفق ما يعادل 4.7 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي على البحوث والدراسات.
ومؤخراً أطلقت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية ما سُميَّ بـ «الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون».. وقد أكدت المنظمة في دراستها التفوق القطري في مجال الإنفاق على البحوث والدراسات والتطوير وما تبذله دولة قطر من جهود لاستقطاب الجامعات العالمية العريقة لفتح فروع لها في البلاد والإسهام في البحوث والدراسات.
وباختصار، فقطر تسعى لإقامة اقتصاد معرفي يرتقي بها إلى درجات متقدمة بين صفوف دول العالم، ويُسهم في تنويع مصادر الدخل في اقتصادها ويحرره من هيمنة الثروة الناضبة المتمثلة في الغاز والنفط.
وقد أشادت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية بما أنجزته المملكة العربية السعودية في مجال تحسين مناخ البحث العلمي، لكننا لازلنا نذكر تنبيه وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر مؤخراً أثناء احتفالات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران بمناسبة احتفالها بمرور خمسين عاماً على إنشائها بأن الإنفاق على البحوث في المملكة أقل من المعدل العالمي على الرغم من أن هناك قفزة في هذا المجال.
إن مواقع جميع الدول تتحرك وتتغير في ميادين التنافس. وفي السياق الخليجي تقدمت كلٌ من الإمارات وقطر بينما تأخرت الكويت التي كانت تحتل موقعاً ريادياً على الساحة الخليجية والعربية.
وفي الزمن الحاضر ينفتح المجال للجميع، ومن ينجح هو من يستغل الفرص، ويبادر إلى تعظيم الاستفادة منها مدركاً أن لكل شيءٍ ثمناً، وما يتم إهداره من الفرص هو على حساب الأجيال التي حُرِمَتْ من التمتع بما كان يمكن أن يتولد من هذه الفرص من وظائف ودخل وإمكانات مختلفة.
هناك، بالطبع، واقع نعرفه في قطر.. فهي ليست فنلندا أو السويد حتى في مقاييس الدول ذات المساحة الجغرافية الصغيرة والتعداد السكاني المحدودة.. لكنها في سياقها الخاص تحقق نجاحات تستحق التوقف أمامها.. وفي النهاية هي شقيقتنا في مجلس التعاون ونفرح لنجاحاتها ونجاحات كل دول المجلس الشقيقة.
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض