الذين يهاجمون الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي ينطلقون - غالباً - من منطلقات فكرية مغايرة، ويهاجمون من خلاله تصوراً للحياة والكون والإنسان مخالفاً لتصورهم؛ فهم ينطلقون من التعصب لتوجهاتهم الفكرية والسياسية فحسب، وهذه منقصة كبيرة، ومثلبة عظيمة يقع فيها المتعصب فيفقد «التوازن والإنصاف»، ويكشف نفسه للناس فيفقد «مصداقيته» عندهم.
المعني بهذا القول أولئك الذين لم يستطيعوا ضبط أقلامهم فتحدثوا بما ينتقص من شخصية الرجل، وشخصية الشعب الذي انتخبه، وتناولوا الموضوع بصورة مؤسفة، لا تتناسب مع ضخامة الموقف، ولا تراعي حق كرامة الإنسان - مهما كان الاختلاف معه - ولا حق كرامة الناس الذين وثقوا به وأعطوه أصواتهم في انتخابات واضحة، جرت على مرأى العالم ومسمعه.
ومشكلة هذا النوع من الناس أنهم يحاولون أن يصدقوا أوهامهم، ويظنون أن الناس سيتأثرون بما قالوا ويؤيدونه، وهذا نوع من عمى البصيرة الذي يجعل صاحبه يصدق أوهامه فيفقد القدرة على التركيز.
إن استقرار أي بلد مسلم هدف لكل مسلم، وحينما تصل دولة عربية مسلمة إلى هذا المستوى من الاستقرار بعد ثورة شعبها فإن ذلك يسعدنا جميعاً، ويثلج صدورنا جميعاً، وقد كنا نخشى أن تحدث الفوضى التي تمنع من الاستقرار في بلد كبير مساحة وسكاناً ومكانة كمصر.
هنالك لغة راقية للتعبير عن الرأي المخالف، ولتقديم النقد البنَّاء، هي اللغة الأجدر بالاستخدام في مثل هذه المواقف العظام، أما لغة «الرَّدح، والقدح» فهي لغة السقوط التي يرفضها الناس جميعاً على اختلاف مستوياتهم، وثقافاتهم.
إن الشعور «الأرقى» بتلاحم الأمة المسلمة، وتكاتفها، وتكاملها، هو شعور الشرفاء الأقوياء الذين لا يخضعون لأهواء النفوس، ولا يستسلمون للحقد الذي يهبط بصاحبه، ويقعد به عن معالي الأمور، ومكارم الأخلاق.
هنالك هموم مشتركة بين دول العالم الإسلامي، وأهداف كبرى موحدة، وقضية واحدة تتفق عليها الآراء، ألا وهي قضية المسجد الأقصى، وإن الشعوب المسلمة لتخطو خطوات واضحة في تحقيق التكامل بين بلادهم مهما تناءت بها المسافات، وهنا تكمن أهمية هذه المرحلة التي نمر بها، وهنا يبرز الوعي بهذه المرحلة وطريقة التعامل معها.
مسؤولية ولاة الأمر والعلماء والكتّاب وجميع أفراد الأمة عظيمة في هذه المرحلة، فلنكن جميعاً على مستوى التعامل معها قولاً وعملاً.
إشارة:
«المسلم مَنْ سَلِم المسلمون من لسانه ويده».