الحلم هو سيد الأخلاق لأنه ضبط إرادي للانفعال في مواجهة إساءات الآخرين، والأحاديث النبوية الشريفة حثت على الالتزام بالحلم، وقال سيد البشرية محمد- صلى الله عليه وسلم- الذي أكد على التمسك بالحلم كفضيلة إسلامية وكظم الغيظ، وقال ما من جرعة أعظم أجراً عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد لابتغاء وجه الله: والحليم يملك كنزا ثمينا لأن ضبط النفس يعطي الإنسان فرصة كبيرة للتفكير الهادئ والتقدير السليم لكل ما يعترض دربه من إساءات ويقرر بطريقة عقلانية سليمة مقابلة الإساءة بالإحسان، وهذه من شيم الكبار والأخيار، لأن الحليم يمنع وبتوفيق الله عن الآخرين غضبه وانفعالاته ويتحكم بأعصابه مدركاً إن كف الغضب هو جوهر الحلم وهو من الأعمال الفاضلة ومن الغايات السامية التي يصل من خلالها الفرد الحليم إلى أرقى درجات الطموح الإنساني والأخلاقي والمكانة المرموقة التي لا يستطيع أهل الغضب والحماقة الوصول إليها!!
إن صفة الحلم صفة رفيعة وصف الله بها ذاته تعالى ثم وصف الله بها ذاته تعالى ثم وصف بها أنبياءه صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً كقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (225) سورة البقرة، وقوله: {وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (12) سورة النساء، وقوله عن نبيه إبراهيم: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ} (75) سورة هود.
إن الحليم لا ينتقم من أحد ولا يهضم حق أحد: لا يتدخل في المشاحنات والمهاترات والمشاجرات لا يتمثل بالتهديد ولا يؤمن بالوضيع من الكلام ويرفع نفسه عنه بل إنه يصون علاقاته مع أهله وجيرانه وزملائه وكافة أبناء المجتمع، وإذا علمنا أنه لا يوجد مجتمع بدون غضب والغضب يمثل رذيلة الشر فإننا نؤمن بأن الحلم يقضي على الغضب وهو يمثل فضيلة الخير، ولهذا فإن المجتمع مدعو لممارسة فضيلة الحلم والاقتداء بنبي الرحمة الذي قال: من حلم ساد ومن تفهم ازداد. فما الذي يمنعنا من التزود بالخير ونبذ الشر ومحاربة كل الظواهر التي تدعو إلى الغضب والالتزام بأخلاق المسلم الحقيقي ولنعلم أن الحلم فضيلة أخلاقية حثنا ديننا وأعرافنا على أن نحافظ على هذه الفضيلة لأن الإنسان لا يمكن أن يتغلب على مشاكله اليومية من غير التزامه بالحلم.
وعلى الخطباء والكتّاب ووسائل التواصل الاجتماعي والتعليم والإعلام توضيح هذه الفضيلة فضيلة الحلم لتعم الفائدة. والله المستعان.