ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 04/07/2012 Issue 14524 14524 الاربعاء 14 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أولى المؤشرات التي تُظهر الخط العام لثقافة أي مجتمع، تبدأ من الأسلوب السائد في طريقة قيادة السيارة وتطبيق الأنظمة المرورية، واحترام الشارع بكل من فيه سواء مارة أو أصحاب السيارات المتوسطة والمتواضعة، حيث أن الدارج هو احترام أصحاب السيارات الفارهة فقط، وهذا يعود إلى الاهتمام بالمظاهر الذي طغى علينا دون النظر إلى الجوهر!

في خروجي القليل إلى شوارع الرياض، وقلته بسبب أن الشوارع وما يدور فيها بالنسبة لي شيء لا يُطاق، لذا فما أراه من أسلوب أقل وصف في حقه هو “همجي” إذ تجد أن كثيرا من قائدي السيارات يعتقد كل منهم أن الشارع ملك له وحده، في شكل واضح لارتفاع حدة (الأنا) التي تضخمت نتيجة خلل النشأة والتربية. وهذه السلوكيات التي نراها في الشوارع تحيلنا إلى الثقافة المجتمعية، ففي قناعتي الشخصية أسلوب قيادة الشخص للسيارة يعكس أسلوب قيادته لشخصيته وأنماطه السلوكية. وإن كان الحديث عن المجتمع فهو بشقيه (إناثا وذكورا) وإن كانت النساء لا تقود السيارة، فإنها تقودها من الخلف، وفي الغالب فإن سلوكيات السائق المرورية تعكس خلفية المرأة التي توجهه، سواء سائقا آسيويا أو سائقا هي من ربته وأهملت تنظيم سلوكياته، وهذا لا يُستثنى منه التصرفات المجتمعية المختلفة في غير الشوارع العامة، إذ أنها ترتبط ببعضها البعض، ولأقترب أكثر معكم فإن الشاب الذي يحترم القوانين المرورية، ويحترم الآخرين أثناء قيادته السيارة، فهذا بلا شك سيحترم وجهات النظر الأخرى وإن اختلفت مع رؤاه، فلا يمكن لشخص بهذه السلوكيات المنضبطة في الشارع أن يتهجم مثلا على من يختلف معه في الرأي بالسب واللعن والتفسيق وأحيانًا التكفير! لكن الشخص الذي يستخدم هذا الأسلوب فهو بالتأكيد فوضوي في الشارع، لن يتوانى مثلا عن أن يقف بسيارته ويغلق الطريق على الآخرين، أو يعبر من أمامهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار أو العكس، وهذا النوع تجده في الشارع يسب هذا ويومئ بيده شاتما ذاك، ولا يزن للآخرين أي مشاعر لأنه ببساطة متضخم (الأنا) فلن يشعر إلا بنفسه، ولن يرى الحقيقة إلا في أفكاره وسلوكياته!

ما بين سلوكيات الشارع، وسلوكيات الاختلاف في الرأي، ارتباط مباشر وينم عن وجود أزمة أخلاقية، للأسف رغم انتشار تمسكنا بالثوابت الدينية إلا أن الواقع يشهد بأن الدين لم يدخل إلى العمق، ولم يتغلغل في الأرواح لذا فإن السلوكيات لم يهذبها الدين، الذي ساهم “الخطاب الدعوي” في تسطيحه فاتجه إلى الشكل الخارجي وترك المضمون، هذا الخطاب ساهم في حرمان الناس من التلذذ بروحانية الدين الإسلامي، لأنه لم يُركز إلا على طول الثوب وشكل العباءة والحواجب واللحية، ولم ينجح في الدخول إلى أعماق (الهو) الإنساني إلا بالجانب العدواني تجاه كل مخالف!

الدين الإسلامي هو دين جاء ليخاطب أعماق الإنسان، يخاطب الفكر والعاطفة ليكملان بعضهما البعض، والدليل أن الصلاة جاءت إلينا تعاليمها لنعيش صلة روحانية مع الله -عز وجل- هذه الأوقات التي نتمكن فيها من استجلاء الروح وفصلها عن الواقع هي من ألذ وأمتع اللحظات اليومية، وليس كل من يصلي قادر على الاستشعار بروحانية الصلة. وكذلك القرآن الكريم فالتعاليم خاطبت عقولنا بالقراءة والتفكر وليس الترديد دون تمحيص، لذا فإن الخطاب الديني الذي جاء بالتركيز على الشكليات هو ذاته الذي تناسى جوهر الإنسان، والخطاب السطحي لن يُنتج إلا عقولا سطحية، وسلوكيات فوضوية، الدين منها ومنهم براء!

www.salmogren.net
 

مطر الكلمات
أزمة أخلاقية في شوارعنا
سمر المقرن

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة